Wednesday, November 21, 2007



اسماعيل يس ...... الف مونولوج و500 فيلم
والدنيا لما تضحك




أفلام إسماعيل يس الكوميدية مازالت هي المفضلة عند الكثيرين من الصغار والكبار حتى وقتنا هذا , وهو أول فنان تصنع له أفلام تسمى باسمه بجانب الفنانة الراحلة ليلى مراد . فهناك سلسلة أفلام مغامرات إسماعيل يس , واسماعيل يس في البوليس , وفي الأسطول , وفي الجيش , وفي الطيران وفي متحف الشمع , وفي حديقة الحيوان , وفي مستشفى المجانين , وعفريتة إسماعيل يس, وإسماعيل يس يقابل ريا وسكينة وغيرها .
ولد إسماعيل يس في العام 1912 بمدينة السويس الساحلية وكان والده يمتلك محلاً لصياغة الذهب وكان مسرفاً للغاية لدرجة سببت له العديد من المشاكل مع والدة ، . وكان إسماعيل وقتها في السادسة من عمره وعندما توفت امه لم يستطع الوالد أن يعيش بلا زوجة فتزوج مرة أخرى إلا أن زوجة أبيه كانت لا تعتني به ، ومن ثم أعطاه لجدته لأمه لكي تربيه ولكنها أيضاً لم تكن تحب الطفل إسماعيل لأنها كانت تكره والده وتعتقد أنه سبب وفاة ابنتها . لم يتحمل إسماعيل المعاملة السيئة من جدته وهرب من المنزل وعمل منادياً للسيارات على ناصية محل به فونوغراف يذيع باستمرار أغاني محمد عبد الوهاب . وكان لهذه الأغاني دور مهم في تكوين وتشكيل وجدانه بل ومشواره الفني أيضاً لدرجة أنه تمنى لو أصبح مطرباً . وبالفعل كون فرقة من أصدقائه وبات يغني لهم وعاش يحلم بمنافسة محمد عبد الوهاب بعد أن أقنعه رفاقه بأن صوته جميل وقرر أن يسافر الى القاهرة لتحقيق حلمه هذا ، فأخذ من جدته ستة جنيهات وسافر للقاهرة وتوجه فور وصوله الى مقهى التجارة بشارع محمد علي وهو المقهى الذي يتخرج منه الفنانون دائماً وكأنه مدرسة أو معمل تفريخ لهم ولكنه فشل في العثور على فرصة مناسبة ولم يتحمل الجوع والتشرد فعاد الى السويس على أمل أن يعود ثانية للقاهرة بعد أن يوفر مبلغاً من المال . وبالفعل عاد بعد أن جمع له أصدقاؤه مبلغ ستة جنيهات ونزل الى القاهرة بعدما أفلس والده ودخل السجن .
في العام 1930 وجد عملاً في مكتب المحامي خليل حمدي ككاتب واستطاع بخفة دمه وسرعة حركته في كسب ثقة العملاء وفي كسب بعض المال واستأجر حجرة في حي السيدة زينب ولم يكن فيها أي قطع أثاث سوى ورق الجرائد الذي كان يفترشه وينام عليه يتغطى به . ولكنه مع هذا لم ينس حلمه بأن يصبح مطرباً وانتهز فرصة دعوته لحضور إحدى الحفلات واخذ معه فرقة موسيقية وشرع في غناء أغنية ( يا وردة الحب الصافي ) لعبد الوهاب ولكنه لم يجد أي تجاوب من الحاضرين بل بالعكس طلبوا منه أن يكف عن الغناء ، فتدارك الموقف وأخذ يلقي بعض النكات ونجح في شد انتباههم مرة أخرى . وكان من ضمن الحاضرين رجل يدعى محمد عبد المنعم فنصحه بأن يصبح منولوجستاً بدلاً من أن يكون مطرباً وأن يغير في كلام أغاني عبد الوهاب لتناسب طريقة غنائه الجديدة . وسمع إسماعيل النصيحة وعمل بها فعلاً وبعد ذلك اشترى أول مونولوج غنائي من الملحن اللبناني عبد الغني الشيخ وكان اسمه ( مات مات وعينه بتغمز للستات ) . واستطاع أن يلتحق بفرقة بديعة مصابني وأصبح منولوجستا ( نظير أجر قدره عشرون قرشاً ) في الليلة ثم استقال من مكتب المحامي وخطر له أن يعمل في السينما فذهب للمخرج توجو مزراحي الذي رفض أن يشغله وقال له ( روح اعمل عملية تجميل تضيق بها بقك شويه لان وشك كله بق ) . وبالفعل خرج إسماعيل يس يبحث عن جراح تجميل ولكنه لم يستطع أن يتحمل تكاليف العملية لأنها تكلف ثلاثين جنيهاً وهو لا يمتلك هذا المبلغ الخرافي وقتها .
ظل إسماعيل يس طوال فترة الثلاثينات يعمل منولوجستاً وأصبح مشهوراً وتفوق على زملائه حسن المليجي وسيد سليمان وأصبحت الإذاعات الأهلية تتهافت عليه الى أن التقطه المخرج فؤاد الجزايرلي في العام 1939 وقدمه للسينما في دور صغير في فيلم ( خلف الحبايب ) أمام عقلية راتب ، ثم تلقفه على الكسار وضمه الى فرقته التي كانت وقتها تنافس فرقة نجيب الريحاني واشترك بالفعل مع الكسار في بطولة أفلام ( علي بابا والأربعين حرامي ) في العام 1942 و( نور الدين والبحارة الثلاثة ) في العام 1944 من إخراج توجو مزراحي وهما بالفعل بدايته الحقيقة في السينما . وتعتبر فترة الأربعينات وحتى منتصف الخمسينات فترة ازدهاره الفني فقد كان يمثل كل عام في ما يقرب من 15 فيلماً ومن أبرزها أفلام ( القلب له واحد ) و( ليلة الجمعة ) و( ليلة الحظ ) و( أحب الغلط ) و( عقبال البكاري ) و( محسوب العيلة ) . وكان إسماعيل يس دائماً صديق البطل الذي يتمتع بخفة الدم والطيبة وخاصة في أفلام فريد الأطرش ومحمد فوزي وأنور وجدي وكمال الشناوي .
في منتصف العام 1944 شعر بحاجته لتكوين أسرة وعائلة فتزوج من المنولوجست سعاد وجدي ولكن هذا الزواج لم يستمر سوى شهرين فتزوج مرة أخرى من الراقصة ثريا حلمي ولكن هذا الزواج أيضاً لم يستمر سوى أسبوعاً واحداً فقط ، فتزوج للمرة الثالثة من أم ولده يس في العام 1945 وكانت فاتحة خير عليه .
وبعد رحيل نجيب الريحاني في العام 1949 وتوقف علي الكسار ارتفعت اسهم إسماعيل يس وأصبح يأخذ بطولة العديد من الأفلام منها فيلم ( المليونير ) مع كاميليا في العام 1950 وفيلم ( الدم يحن ) مع دريه احمد وحسين رياض في العام 1952 ، ولكنه لم يحقق أي نجاح من خلالهما فعاد مجدداً لتمثيل الأدوار الثانوية في فيلم ( بيت الأشباح ) مع كمال الشناوي و( الحموات الفاتنات ) مع كريمان و( دهب ) مع أنور وجدي وفيروز و( الدنيا لما تضحك ) مع شكري سرحان ونجاح سلام .
في العام 1954 التقى بالمخرج فطين عبد الوهاب وقام ببطولة فيلم ( الآنسة حنفي) الذي يعتبر بكل المقاييس نقطة انطلاق بالنسبة لإسماعيل يس وأيضاً بالنسبة لفطين عبد الوهاب ولمسيرة الفيلم الكوميدي في مصر . ومن ثم أسند إليه المخرج بطولة فيلمه ( إنسان غلبان ) أمام محمود المليجي ونجح أيضاً . وهذا ما جعل إسماعيل يس يثق في نفسه أكثر وجعل المنتجين والمخرجين يستثمرون هذا النجاح فأسندوا إليه بطولة 17 فيلماً وتناوب عليه جميع المخرجين تقريباً ، إلا أن السلسلة التي أخرجها له فطين عبد الوهاب تعتبر من أقوى أفلامه السينمائية وكذلك الأفلام الأخرى التي أخرجها له وهي ( ابن حميدو ) و( العتبة الخضراء ) و( امسك حرمي ) و( حلاق السيدات ) و( الفانوس السحري ) .
لم يكن العام 1954 انطلاقه في السينما فقط بل في المسرح أيضاً . فقد كون فرقة تحمل اسمه مع صديقه المؤلف أبو السعود الابياري وبدأت أول عروضها بمسرحية ( حبيبي كوكو ) التي عرضت على مسرح ميامي ، ثم تبعها بـ 61 مسرحية من تأليف وتمصير أبو السعود الابياري . وكان من ضمن نجوم الفرقة وقتها السيد بدير ومحمود المليجي وشكري سرحان وتحية كاريوكا وعقيلة راتب وسناء جميل وزينات صدقي وعبد الفتاح القصري ، وانضم إليهم لاحقاً يوسف شعبان وبدر الدين جمجوم . وكانت آخر مسرحية قدمتها الفرقة ( حكاية جوز ) في نوفمبر 1966 ، ثم سافر إسماعيل يس الى بيروت وعاش فيها سنتين وعمل في عدة أدوار لا تذكر أيضاً . وعندما أصيب إسماعيل يس بالتهاب رئوي لم يستطع متابعة العمل وحاصرته الضرائب وكأنما أحس بنهاية أجله ، فقد كان آخر أفلامه ( وصية المرحوم ) وهو فيلم تلفزيوني عرضه التلفزيون قبل رحيله بأيام قليلة وتوفى إسماعيل يس في 24 مايو على اثر أزمة قلبية حادة 1972 عن عمر يناهز الستين عاماً تاركاً رصيده الفني الذي يبلغ 73 مسرحية كوميدية 1000 مونولوج وحوالي 500 فيلم كوميدي منها 42 فيلماً تحمل اسمه ومازال الإقبال على مشاهدتها مستمراً .


اعداد عماد النويرى

No comments: