Tuesday, September 18, 2007



الخطايا



في غضون شهور أو أسابيع او أيام سيكون في مقدور اى موطن على اى بقعة في اى بلد من العالم ان يعترض على صورته التى شاهدها في اى مسلسل وكانت هناك سوابق سمعنا عنها عندما اعترض المحامين على صورتهم التى جسدها حسن سبانخ في فيلم ( الافو كاتو ) وعندما اعترض بعض أعضاء مجلس الشعب فى بداية التسعينات التى تبدا أسمائهم الأولى بمحمود اعتراضا على وجود اعلان لاحد السلع ينادى فيه شخص على شخص آخر ويؤنبه بتهكم ( محمود ايه دة يامحمود ) !
ولعلنا نذكر اعتراض بعض المسيحيين على فيلم ( بحب السيما ) و ( شفرة دافنشى ) واعتراض بعض المسلمين على ( الارهاب والكباب ) و( طيور الظلام ) و( الارهابى ) ثم اعتراض اعضاء مجلس الشعب على فيلم ( عمارة يعقوبيان ) واعتراض بعض المسلمين على ( الطريق الى كابول ) و( الحور العين ) و( خالد ابن الوليد ) والقائمة تطول .
لايمكن في هذه العجالة ان نقدم تقارير نقدية موضوعية عن مدى صلاحية هذه الأعمال للعرض على المشاهد وباعتبار ان اغلب هذه الأعمال يحتاج بجانب القراءة النقدية قراءات اجتماعية وسياسية , وعادة اية أعمال تثير الجدل يكون من الأفضل الدخول اليها من اكثر من مدخل . لكن في الفترة الأخيرة ونتيجة لحالة التشرذم السياسي والفكري والطائفي التى نعيش فيها اصبح من السهل توجية ايه انتقادات لاى عمل لايتلائم وأحوالنا ولايتناسب مع افكارنا وهذا سيدفعنا حتما الى دوائر مغلقة تضيق كلما ضيقنا الخناق على أنفسنا وعلى غيرنا .
الفن الحقيقي سعى في مايسعى لترسيخ قيم الحق والخير والجمال , ولايوجد عمل فنى حقيقى وقف فى يوم من الأيام بجانب الشر والظلم والفساد وتحقير الاخر والسخرية من معتقداته . وقلنا دائما ان قانون الفن يختلف عن قانون المجتمع لان الأعمال الفنية لها طرقها وأساليبها لتحقيق أهدافها . والمشكلة تحدث عندما تصل فئة دون غيرها الى الاعتقاد بانها افضل من الفئات الأخرى او أنها تملك حق الوصاية على فكر ووعى الآخرين .
والخطيئة الأولى ان نقوم بالحجر على أفكار الآخرين قبل ان نتحاور معهم ونسمع وجهة نظرهم .
والخطيئةالثانية هى ان الكثيرين لايدركون بعد اننا أصبحنا نعيش في عصر السموات المفتوحة والى يستطيع فيها اى فرد بكبسة زر ان يصل الى كل ماهو ممنوع فى الوجود سواء كان كلمة اولقطة او فكرة اوتعبير . وفى القريب العاجل سيكون من المتاح ان يقيم كل فرد فضائيته الخاصة على شبكة الانترنت يبث من خلالها مايشاء .
والخطيئة الثالثة هى اكتشافنا كل يوم وعلى مساحة الخارطة من المحيط الى الخليج هشاشة وضعف بناءنا الفكرى والثقافي الذى من السهل ان يهزه فكرة مهما كان تطرفها او ان ينال منه مسلسل يمكن ان يعرض خلال دقائق على مئات الفضائيات اذا اغلقت فضائية واحدة الأبواب .
الحب من طرف واحد من المؤكد انه قضية خاسرة تماما مثلما يكون الحوار من طرف واحد لان الحوار اصلا يجب ان يكون بين اثنين .
والفكرة لايحجبها المنع وانما يحجبها فكرةاخرى تكون اقوى في الحجة والاقناع .

عماد النويرى


Friday, September 07, 2007



خفة دم



مارى منيب .. والدنيا لما تضحك



هى مارى سليم حبيب نصر , وفى رواية أخرى مارى حبيب سليم نصر , وفى رواية ثالثة هي مارى نصر اللة فرج , لكن المعروف والثابت هو ( مارى منيب ) اشهر من جسد وقدم دور الحماة في السينما العربية . وكما اختلفت الروايات الخاصة باسمها اختلفت أيضا الروايات الخاصة بتاريخ ومكان الميلاد . ولا يعرف أحد على وجه اليقين الأصول العرقية لمارى منيب إن كانت سورية آم لبنانية آم مصرية لكن ماهو مؤكد هو آن والدة مارى واسمها أسماء اضطرت لاصطحاب ابنتيها الكبرى أليس والصغرى مارى والسفر من الشام آلي مصر سعيا وراء الأب الخواجة سليم كما كان يناديه آهل دمشق , ولم يكتمل شمل الآسرة لوفاة الأب , واضطرت الآسرة البقاء في القاهرة . عانت الام كثيرا في تدبير أمور حياتها , واستطاعت إلحاق الطفلتين بمدرسة بحي الفجالة في القاهرة لكن مارى الصغيرة أظهرت نفورا كبيرا من التعليم جعلها دائما تتعرض آلي العقاب , وكان هذا العقاب عبارة عن قناع لوجة خروف تلبسه الطفلة المعاقبة كدليل امام كل زميلاتها على تخلفها الدراسى . ولم يكن امام راهبة المدرسة سوى استدعاء ولى امر الطالبة مارى لتخبرها بان ابنتها لديها مخ من الخشب , وان اى قرش تصرفه على تعليمهاحرام ولاداعى لتحمله . طبعا آلام سمعت بالنصيحة أخرجت مارى من المدرسة واعتمدت عليها في أعمال البيت لتساعدها في مهنة الحياكة . فى الشارع وفى حى الفجالة الشعبى اثناء تقضيه وقت فراغها استطاعت مارى استغلال ( مخها الخشب ) فى جمع عشرات الكلمات والجمل والاجتفاظ بها لتصبح بعد ذلك مفردات قاموسها اللغوى على خشبة المسرح او على شاشة السينما .

بدأت مارى منيب مشوارها الفنى فى كورس فرقة الشيخ سلامة حجازى , والتحقت بعد ذلك بفرقة على الكسار وكانت مسرحيتها الأولى ( القضية نمرة 14 ) عام 1919 , وبعد ستة شهور انتقلت للعمل في فرقة آمين عطاللة ومع آمين عطا الله لعبت أول دور مهم لها حيث آدت دور خادمة تسبب المشاكل وتسب الجميع وتظهر طوال الدور كفتاة سليطة اللسان , أظهرت مارى في هذا الدور نجاحا كبيرا واصبح في ما بعد ملمحا من ملامح شخصيتها الفنية , وفى فرقة امين عطاللة تعرفت على الممثل والمنولوجست فوزى منيب وتزوجته لمدة ست واخذت عنه اسم منيب وبعد الانفصال تزوجت من زوج شقيقتها عبد السلام فهمى لتساعده فى تربية ابناء شقيقتها بعد وفاتها . وكانت اهم نقلة فنية فى حياتها عندما انتقلت الى فرقة نجيب الريحانى عام 1934 ولعبت اول أدوارها في هذه الفرقة في مسرحية ( الدنيا لما تضحك ) ثم توالت أدوارها في ( الشايب لما يدلع ) و ( قسمتى )
وكان انضمام مارى منيب الى فرقة الريحان نقلة حقيقية ومهمة على كل الاصعدة ليس فقط لانها وجدت نفسها اخيرا فى اللون الكوميدى ولا بسبب انها تعرفت على شخصية المراة الشعبية خفيفة الدم سليطة اللسان التى تطورت سريعا الى شخصية الحماة , وانما وهو الأهم آن الأنظار انتبهت اليها بحكم شعبية الريحانى آلي وجود هذه الطاقة الفنية المسماة مارى منيب . ولم تمض اشهر قليلة والا وكانت مارى تشارك فى اول فيلم سينمائى هو ابن الشعب الذى عرض بسينما تريمف عام 1934.

يمكن اعتبار عام 1934 اذن هو بدايةمارى منيب فى السينما حيث لعبت دورا صغيرا فى ( ابن الشعب ) من بطولة بشارة واكيم وميمى شكيب وسراج منير وحسن البارودى ومن اخراج ايلى ابتكمان . بعدها قدمت عدة ادوار لفتت اليها أنظار المنتجين في ( الغندورة ) و( أنشودة الراديو ) و( بسلامته عاز يتجوز ) و( نشيد الأمل ) و( الحب المورستانى ) . على الرغم من النجاح أتهادى الذي يمكن آن توصف به البداية السينمائية لمارى منيب على عكس بدايتها المسرحية القوية مع فرقة الريحان فان هذا النجاح كان كفيلا بانتقالها سريعا آلي أدوار البطولة على يد المصور والمخرج تولي كابارينى الذى اختارها للعب بطولة فيلم ( مراتى نمرة 2 ) عام 1937 وفى الفيلم لعبت دور زوجة حلاق شعبى لكن اول صورة مكتملة لمارى منيب كانت تلك التى قدمها المخرج كمال سليم فى فيلمه الشهير ( العزيمة ) عام 1939 فى هذا الفيلم ظهرت مارى منيب وهى فى الرابعة والثلاثين من عمرها فى دور ام بطلة الفيلم فاطمة رشدى والحماة المنتظرة لبطل الفيلم حسين صدقى وجسدت مارى دور الحماة الشريرة المستعدة لبيع ابنتها من اجل المال , أعادت مارى منيب تقديم هذه الشخصية بتنويعة مختلفة في فيلم ( الاسطى حسن ) عام 1952 من إخراج صلاح آبو سيف وبخلا ف هذين النموذجين فان الحماة مارى منيب لم تكن تنطلق في علاقتها بزوج ابنها آو زوجة ابنتها من دوافع شريرة بقدر ما يمكن اعتباره غيرة وخوف على مصالح اولادها ومن هنا يأتي تدخلها في حياة الزوجين فتحدث المنغصات آلتي تتولد عنها الكوميديا وحتى في دورها الشهير في ( لعبة الست ) من إخراج ولى الدين سامح عام 1946 والذي قدمته مرة أخرى في فيلم ( العائلة الكريمة ) لفطين عبد الوهاب عام 1964 , رغم أنها سعت لتطليق ابنتها كي تزوجها بآخر اكثر ثراء فأنها لم تكن منحرفة آو شريرة بقدر اقتناعها بان ابنتها تستحق رجلا يضمن لها الحياة أشكل افضل . وعلى هذا الدور لعبت مارى منيب اكثر من تنويعة ابرزها دورها فى فيلم ( حماتى قنبلة ذرية ) لحلمى رفلة عام 1951 و( حكاية جواز ) لحسن الصيفى سنة 1964 .

مايلفت الانتباة فى سينما مارى منيب امران مهمان الاول يتعلق بقدرتها الخاصة على تحويل الادوار الصغيرة الى كبيرة تتوازى مع قيمة ادوار البطولة ويجعل ذلك المشاهد فى حالة تذكر للدور الذى قامت به مارى مهما كان محدودا بنفس درجة تذكرك لشخصية البطل أو البطلة . نذكر هنا دوره الصغير في فيلم ( انتصار الشباب ) عام 1941 فرغم صغر دورها فقد استطاعت آن تجعل منه دورا مليئا بالحيوية وكان لسان حالها يقول ليس هناك أدوار صغيرة آو أدوار صغيرة إنما هناك ممثل صغير وممثل كبير . والآمر الثاني هو نجاحها في الوصول بالمشاهد آلي أتعلى درجات القبول للشخصية آلتي تؤديها مهما كانت طبيعتها الاستفزازية وسلوكها الغير مقبول ويعود ذلك آلي حضورها القوى على الشاشة ومكانتها الخاصة في الأداء الكوميدي بداية من التعبير الحركي والاستخدام الأمثل لجسمها المملى وإضافة آلي مجموعة من الملزمات ( ألا فيهات ) الخاصة بها وآلتي أصبحت جزءا من شخصيتها الفنية المميزة وإضافة آلي كل ذلك قدرة على التلوين الصوتي اكتسبتها من خبرتها الطويلة في العمل المسرحي .
ورغم انها بدت سليطة اللسان فى الكثير من الأفلام الا أنها انقلبت امرأة وديعة تماما وهى تؤدى أدوار آلام في فيلم ( بابا آمين ) عام 1950 من إخراج يوسف شاهين وفى فيلم ( رسالة من امرأة مجهولة ) عام 1962 . ورغبة في تنويع أدوارها قدمت دور المرآة العانس مرتين في فيلمي الريحان ( آسى عمر ) 1941 لنازي مصطفى و ( آبو حلموس ) عام 1946 , من إخراج ابراهيم حلمى وقدمت دور السيدة التركية مرتين الاولى كانت مع مع المخرج كمال سليم فى ( شهداء الغرام ) عام 1946 والثانية فى فيلم ( المراهقان ) للمخرج سيف الدين شوكت .
وتبقى في مشوار مارى منيب الإشارة آلي تجربتها الخاصة مع أدوار البطولة وفى هذا الإطار يمكن رصد سبعة أفلام على الأقل تنسب فيها البطولة آلي مارى منيب بعد فيلميها الأولين ( الحب المورستانى ) و( مراتى نمرة 2 ) وهذه الأفلام السبعة هي على الترتيب : ( حماتى قنبلة ذرية ) لحلمى رفلة 1951 و( كدبة ابريل ) لمحمد عبد الجواد 1954 و( الكيلو 99 ) لابراهيم حلمى 1956و ( ام رتيبة ) للسيد بدير 1959وحماتى ملاك لعيسى كرامة 1959 و( شهر عسل بصل ) لعيسى كرامة ايضا عام 1960 ومن واقع استعراض هذة الأفلام السبعة يمكن ملاحظة آن مارى منيب هي الممثلة الكوميدية الوحيدة آلتي كانت تكتب لها الأفلام آلتي تقوم ببطولتها على وجة الخصوص ولنجاحها الكبير فى لعب دور الحماة وتعلق الجمهو ر بالنمط الخاص الذى تقدمه فقد تشجع كتاب الدراما على الكتابة لها خصيصا . ورغم تميزها فى دور الحماة فان البطولات جاءت اليها ايضا من خلال انماط اخرى بعيدة عن الشخصية وهذا التنوع فى ادوار مارى منيب رغم قلته يشير الى ان صناع السينما الذين منحوا مارى منيب البطولة لايعودفقط الى قدرتها التمثيلية فى انتزاع الضحكات ايا كانت الشخصية التى تؤديها . واذا كانت مارى قد نجحت فنيا وتجاريا في أدوار البطولة آلتي آتتها في سن متأخرة من عمرها فان المشاهد البسيط لا يفرق بين بطولاتها بل آن جانبا كبيرا من شعبيتها تحقق لها من خلال هذا التراكم الدائم لادوارها المختلفة .
كانت مارى منيب اول امراة تكسر نجومية الرجل فى عالم الكوميديا وخلال رحلتها الفنية كانت قادرة دائما على اكساب ادوارها قيمة خاصة فى ذاتها مهما كان حجم الدور . لهذا حظيت بكل هذة الجماهيرية فى حياتها وحافظت على هذة الجماهيرية بعد رحيلها .


اعداد عماد النويرى

Wednesday, September 05, 2007




فوكس وزكى وعدة الممثل






في كل أنحاء المعمورة لا توجد طريقة واحدة تحدد كيف يصبح الممثل موهوبا وكيف يحقق النجومية . ولا يعرف أحد على وجه التحديد ماهو سر الخلطة آلتي جعلت من مارلين مونرو وكلارك غيبيل وهمفرى بوجارت وجاك نيكلسون وروبرت دى نيرو وتوم كروز والان ديلون وجيمى فوكس وزكى رستم واحمد زكى نجوما من العيار الثقيل . مالذى جعل هؤلاء النجوم يتمتعون بكل هذا النجاح وبكل هذا التقدير وبكل هذا الحب .
من الممكن آن نقول آن هناك مناهج ومدارس للتمثيل وعلى كل موهوب آن يصقل موهبته من خلال هذه المدارس لكن في العالم كله هناك المئات من الموهوبين الذين يصقلون مواهبهم بدراسة مناهج التمثيل الخاصة بستانسلافسكى وجروتوفسكى وقازان ولم يحققوا ربع النجاح الذي حققه غيرهم من الذين أشرنا إليهم .
طبعا هناك ممثلون عباقرة وليسوا نجوما ونذكر منهم على سبيل المثال لورانس اوليفييه وجيفرى راش وحتى جون مالكوفيتش . وهنا يثور السؤال مرة أخرى كيف تاتى النجومية للممثل ؟ او كيف يذهب الممثل للنجومية ؟وماهى طريقة صنع الكاريزما التى تغلف وتحيط باى نجم خلال فترة نجوميته ؟
ستانسلافسكى الذى وضع قواعد التمثيل فى العصر الحديث اكد على ضرورة آن يرتبط التمثيل بقيمة أخلاقية وان يكون النص الذي يتم تجسيده على تماس مع الواقع الاجتماعي والسياسي . أتتصور آن ذلك يعنى آن الممثل من الممكن آن يكون عبقريا في تجسيد أدوار الشر لكن إذا لم ترتبط هذت الشخصيات الشريرة المجسدة من خلال الممثل بنصوص تحمل في النهاية مجموعة من القيم الأخلاقية السامية فان الممثل سرعان ما يفقد بريقه ولا يحقق النجاح المنشود . ولم يثبت حتى ألان آن هناك آي نوع من الفن الراقي انحاز آلي جانب الشر آو دعا آلي الفساد والانحلال آو وقف آلي جانب الظلم ليناصره . ( هنا لانتحدث عن فن الغرائز .
نستطيع أن نقول هنا آن الممثل كلما اقترب اكثر من اختيار النص الإنساني وكلما نجح في تجسيد الشخصيات القريبة من الواقع والمعبرة عن قطاعات كبيرة من البشر فانه يصعد درجة في سلم النجومية .
سلم النجومية ليس ممهدا للصعود السريع لكل ممثل يرغب في ذلك انما هو جاهز فقط لاصحاب النفس الطويل وللمؤهلين بالدراسة وللقادرين على تطوير أدواتهم
الخارجية والداخلية والمنفتحين على المدارس والمناهج التمثيلية الجديدة والباحثين دائما عن المعرفة فى مجال التخصص وفى غير مجال التخصص .
إذا كان جيمي فوكس قد حصد جائزة الأوسكار عن تجسيده لشخصية راى تشارلز الأعمى ومدمن المخدرات وزير النساء وأسطورة الموسيقى فان جيمى قد جاء الى هذا الدور متسلحا بالعدة اللازمة للنجاح . كان جيمى يمضى ساعات فى الظلام لكى يرى العالم فى عينى شخص اعمى ولم يكن من السهل تقمص صفات شخصية راى المضطربة ولكن جيمى فعلها فى طريقة التدخين وطريقة المشى ومغازلة النساء وطريقة الضرب على مفاتيح البيانو . ادى جيمى الشخصية وهو مسلح بمهارات فى العزف على البيانو والغناء . وكان واضحا الاداء المتقن لاغنيات راى الذى قدمه فوكس وكان فوكس هو الذى يغنى . ومع نهاية الفيلم من الممكن ان تسال من الذى جسد الاخر هل هو جيمى فوكس ام تشارلز راى ؟ !
ومع الممثل الراحل احمد زكى لم يختلف الآمر كثيرا ومع استعراض لبعض أدواره يمكن الوصول بسرعة آلي بعض المفاتيح آلتي تجعل من فتح أبواب عبقرية هذا الممثل آمرا بسيطا .
ان فن التمثيل ليس فى واقع الامر هو استنساخ لصورة شخصية ما واعادة بثها فى الحياة للدرجة التى تجعلنا نصدق الشخصية المقلدة على أنها حقيقية . وليس فن التمثيل هو القدرة على التقمص وليست النجومية في تقليد الآخرين . ما يفعله الممثل العادى هوان ينقل لنا شخصية ما كما هى إنما الممثل النجم هو من يقدم لنا قراءته الثانية للشخصية التى يلعبها ويجب ان يتم ذلك من خلال اختيار واعي وقدرة على تطويع الأدوات اللازمة . المصور يلتقط لنا الصور من الواقع كما هي إنما المصور الفنان هو من ينقل لنا ما وراء الصور والممثل الفنان هو من ينقل ما وراء الشخصيات
قد نصل ألان آلي جزء من إجابة السؤال ؟ كيف يحقق الممثل النجومية ؟
في واقع الآمر لاتوجد قواعد عامة للنجومية ولا توجد وصفات سحرية لصناعة ( الكاريزما ) لكن توجد شروط ومطلوبات من الممثل عليه ان يوفيها على امل ان تتحقق له النجومية فى يوم من الايام
قواعد ومدارس ومناهج التمثيل موجودة والمواهب من السهل اكتشافها كلما توافرت الظروف لذلك ويبقى طريق طويل من الجهد الشاق والعمل الدؤوب .
فعلا الآمر ليس سهلا كما يتخيله البعض . والمسالة ليست بتلك السهولة آلتي قد نتخيلها في بعض الاحيان .


عماد النويرى





Sunday, September 02, 2007







ابن حميدو .. وأيام في ابوظبى
إلى حداد ورضا وسرمينى والمسناوى



شاهدت فيلم ( ابن حميدو ) أكثر من خمس مرات , وفى المرة السادسة اكتشفت اننى أشاهدة للمرة الأولى . انسجم ايقاعى الداخلي المرة الأخيرة مع إيقاع الفيلم وعرفت أنها لحظة اللقاء التى تأتى فجأة لتجسد الحلقة الضائعة والضالة بينك وبين الشىْ المفقود . فجأة وبلا مقدمات تشعر انك في لقاء حميم مع لحظة , مع ذكرى , مع شخص ما لم تقابله , رغم انك تقابله منذ شروق الشمس وحتى غروبها. هكذا حدث مع فيلم ( العذاب فوق شفاه تبتسم ) و ( حسن ونعيمة ) و( هارب من الأيام ) و( اللقاء الثاني ) و( ذهب مع الريح ) و( الأب الروحي ) و( ليلة ساخنة ) وغيرها الكثير من الأفلام والاغانى والمقطوعات الموسيقية . ومنذ فترة طويلة اعرف ان جمال الحياة ياتى من التناغم بين الإيقاعات المختلفة , ويعنى ذلك انك من المهم ان تبث على الموجة التي يبث منها الأخر . وان الأخر هذا يسكنك وتتوحد نبضات قلبه مع نبضاتك ويلتحف جفونك عندما تغمض عينيك .
كل هذه المقدمة لاعترف اننى أحيانا اشعر ايقاعى الداخلي ليس متوحدا في كل الأوقات مع إيقاع الحياة الخارجي . ,وازعم ان احساسى ومشاعري لم تتبلد بفعل الإحداث الجسام التي يشيب لها الولدان في كل بقاع المعمورة فادى ذلك إلى تبلد ايقاعاتى .لكن انا من المؤمنين انك لكى تتوحد مع ماتحب عليك الانتظار حتى تأتيك لحظة اللقاء الحقيقي , اوحتى تذهب اليها وأنت بكامل لياقتك المشاعرية والشعرية . عليك أحيانا ان تبعد حتى تقترب .
نعم مقدمة صالحة لحديث حبيب يلتقي حبيبته بعد غياب لكنها في واقع الأمر مقدمة بعيدة تماما عن هذا الهدف النبيل.في تلك الأيام ( الفوشية ) التى تمر بها امتنا وهى أيام بعيدة تماما عن ( النبالة ) . وإنما هي كتبت كي أمهد للحديث عن تلك الأيام التى قضيتها خلال شهر مارس الماضي في ابوظبى لحضور مسابقة أفلام من الإمارات بدعوة من المشرف على المسابقة الزميل العزيز مسعود امراللة , واعترف ان تلك الدعوة كانت قد جاءت في وقتها تماما فقد كنت في أجازة إجبارية أعطيتها لنفسي بعد ان كان من الصعب تحمل الهجوم الهاتفي من كل انحاء الكويت للاستفسار عن حادثة التحرش بجمانة مراد أثناء وجودها في نادى الكويت للسينما من قبل احد أعضاء مجلس الادارة اثناء الاحتفال بالعيد الوطني وكان نصف هذه المكالمات يستفسر عن اى جزء من جسد جمانة تم التحرش به !! ولم تنتهى الأقاويل والشائعات الا عندما صرحت جمانة لوكالة الأنباء الألمانية بان حادثة التحرش لا أساس لها من الصحة وان الموضوع قد تمت أثارته بطريقة مبالغ فيها وان ماحدث كان مجرد اقتراب احد أعضاء مجلس الادارة منها وهو فاقد لتوازنه ليطلب منها التصوير , ونتيجة لخوفها ان تتطور الأمور قامت بالانسحاب من النادي . حادثة التحرش المزعومة بجمانة وضعت نادي الكويت للسينما تحت دائرة الإعلام العربي لمدة أسبوع وكنت اعرف بيني وبين نفسي ان خبر انزلاق فيفي عبده في الحمام أهم ألف مرة من خبر استقالة بوش أو من خبر خروج عملية السلام من غرفة الإنعاش بعد ان ماتت وانتعشت من قبل ملايين المرات .
في ابوظبى كان اللقاء مع مدينة تنهض بسرعة وذات إيقاع مختلف . كان اللقاء مع حسن حداد ومحمد رضا وصلاح سرمينى ومصطفى المسناوى . وكان اللقاء مع مجموعة كبيرة من الأفلام , ومجموعة كبيرة من السينمائيين الخليجيين الشبان الذين يرغبون بحق في صنع أفلام تخصهم وتتحدث عن حياتهم التي تتجاذبها التناقضات , ورغم كل الصعاب مازالوا يحلمون باعتبار ان الأحلام والأفلام ( لسه ممكنة ) .
كان من السهل وبسرعة التعرف على الزميل الناقد العصامي حسن حداد فقد قابلته مرة عندما شاركت في مهرجان البحرين السينمائي الأول عام 2000, لكن نظرا لانشغاله وانشغالي انذاك , لم نستطع الحديث بمكا يكفى لكي نتعرف على بعضنا البعض , ومضت الأيام الى ان فوجئت بموقعه السينمائي الشهير سينماتيك وبدأت زيارتي له بمعدل مرة على الأقل كل أسبوع لأطمئن ان مقالي الاسبوعى في القبس قد وجد فرصته في النشر من خلال الموقع , ومن ناحية أخرى لكي أقوم بجولة لاتعرف ماذا كتب بقية المهتمين بالسينما على صفحات الجرائد العربية . وفى ابوظبى ومع حالة الهدوء التى عشناها بعيدا عن صخب المهرجانات الكبيرة كانت هناك فرصة للتعرف على الأشخاص بشكل أفضل , وكانت فرصة للتعرف على حسن حداد الإنسان الذي بنى تاريخه السينمائي بصبر واجتهاد حتى أصبح موقعه واحدا من أهم المرجعيات السينمائية بالنسبة لنا وبعدها تعرفت عليه ايضا كناقد سينمائى مميز من خلال قراتى للكتب التى اصدرها خاصة كتابه عن محمد خان . ومع حسن حداد جمعتنا موائد الإفطار و الغذاء والعشاء مع الناقد والباحث السينمائي الجاد صلاح سرمينى والذي تعرفت عليه أول مرة عام 1996 في مهرجان قرطاج ثم فى باريس وبعدها فى دبى . وتعرفت عليه فى مابعد اكثر من خلال جهوده البارزة والكبيرة فى مسابقة أفلام من الإمارات سواء عن طريق استحضار الأفلام من مهرجانات مهمة أو عن طريق إصدار الكتب المصاحبة للمسابقة كل عام .هذا غير جهودة المتواصلة فى نشر الوعى السينمائى من خلال مداخلاته فى المدرسة العربية للسينما والتلفزيون وفى بقية المواقع السينمائية على الشبكة العنكبوتية . وكانت الأيام مناسبة تماما لاكتشاف جوانب عديدة من شخصية زميلنا محمد رضا الزميل القديم الذي صاحبته لفترة طويلة على صفحات جريدة القبس , وقبلها كنت تعرفت عليه أول مرة عندما جاء إلى الكويت عام 1995 للمشاركة في ندوة السينما العربية , والتي أقامها نادي الكويت للسينما لمناسبة مئوية السينما وقبلها كانت لنا بعض اللقاءات المتفرقة في مهرجان القاهرة السينمائي . وكنت احرص دائما على قراءة صفحته فقد كانت عندي قناعة ومازالت وهى ان محمد رضا هو أكثرنا حبا للسينما , وانه وهبها حياته , وان مايجرى في دمائه ليس دما وإنما صور ومشاهد وأفلام وحكايات ملونة , وان قلبه عبارة عن بكرة سينما تنبض لتدفع بالصور المتحركة في كل شرايينه لتغذى عقلة السينمائى الذى لاينام . وغير كتابه السنوي الموسوعي كنت دائما اقدر لرضا تضحيا ته المهمة في التنقل بين بقاع الدنيا المختلفة لكي يكون قريبا دائما من حركة السينما في العالم . وفى ابوظبى كانت هناك ايضا فرصة صغيرة للتعرف على الناقد والباحث وأستاذ الجامعة مصطفى المسناوى ذلك الهادىْ المتواضع الذى كان متفرغا تماما لمتابعة الافلام فقد كان مكلفا لكتابة الورقة النقدية الخاصة با فلام المسابقة .
فى ابوظبى قضيت اياما اعتز بها , واكتب عنها الان بعد خمسة شهور بعدان جاءتنى لحظة اللقاء . كنت فى حاجة لمشاهدة ( ابن حميدو ) في لحظة صفاء.