Tuesday, September 18, 2007



الخطايا



في غضون شهور أو أسابيع او أيام سيكون في مقدور اى موطن على اى بقعة في اى بلد من العالم ان يعترض على صورته التى شاهدها في اى مسلسل وكانت هناك سوابق سمعنا عنها عندما اعترض المحامين على صورتهم التى جسدها حسن سبانخ في فيلم ( الافو كاتو ) وعندما اعترض بعض أعضاء مجلس الشعب فى بداية التسعينات التى تبدا أسمائهم الأولى بمحمود اعتراضا على وجود اعلان لاحد السلع ينادى فيه شخص على شخص آخر ويؤنبه بتهكم ( محمود ايه دة يامحمود ) !
ولعلنا نذكر اعتراض بعض المسيحيين على فيلم ( بحب السيما ) و ( شفرة دافنشى ) واعتراض بعض المسلمين على ( الارهاب والكباب ) و( طيور الظلام ) و( الارهابى ) ثم اعتراض اعضاء مجلس الشعب على فيلم ( عمارة يعقوبيان ) واعتراض بعض المسلمين على ( الطريق الى كابول ) و( الحور العين ) و( خالد ابن الوليد ) والقائمة تطول .
لايمكن في هذه العجالة ان نقدم تقارير نقدية موضوعية عن مدى صلاحية هذه الأعمال للعرض على المشاهد وباعتبار ان اغلب هذه الأعمال يحتاج بجانب القراءة النقدية قراءات اجتماعية وسياسية , وعادة اية أعمال تثير الجدل يكون من الأفضل الدخول اليها من اكثر من مدخل . لكن في الفترة الأخيرة ونتيجة لحالة التشرذم السياسي والفكري والطائفي التى نعيش فيها اصبح من السهل توجية ايه انتقادات لاى عمل لايتلائم وأحوالنا ولايتناسب مع افكارنا وهذا سيدفعنا حتما الى دوائر مغلقة تضيق كلما ضيقنا الخناق على أنفسنا وعلى غيرنا .
الفن الحقيقي سعى في مايسعى لترسيخ قيم الحق والخير والجمال , ولايوجد عمل فنى حقيقى وقف فى يوم من الأيام بجانب الشر والظلم والفساد وتحقير الاخر والسخرية من معتقداته . وقلنا دائما ان قانون الفن يختلف عن قانون المجتمع لان الأعمال الفنية لها طرقها وأساليبها لتحقيق أهدافها . والمشكلة تحدث عندما تصل فئة دون غيرها الى الاعتقاد بانها افضل من الفئات الأخرى او أنها تملك حق الوصاية على فكر ووعى الآخرين .
والخطيئة الأولى ان نقوم بالحجر على أفكار الآخرين قبل ان نتحاور معهم ونسمع وجهة نظرهم .
والخطيئةالثانية هى ان الكثيرين لايدركون بعد اننا أصبحنا نعيش في عصر السموات المفتوحة والى يستطيع فيها اى فرد بكبسة زر ان يصل الى كل ماهو ممنوع فى الوجود سواء كان كلمة اولقطة او فكرة اوتعبير . وفى القريب العاجل سيكون من المتاح ان يقيم كل فرد فضائيته الخاصة على شبكة الانترنت يبث من خلالها مايشاء .
والخطيئة الثالثة هى اكتشافنا كل يوم وعلى مساحة الخارطة من المحيط الى الخليج هشاشة وضعف بناءنا الفكرى والثقافي الذى من السهل ان يهزه فكرة مهما كان تطرفها او ان ينال منه مسلسل يمكن ان يعرض خلال دقائق على مئات الفضائيات اذا اغلقت فضائية واحدة الأبواب .
الحب من طرف واحد من المؤكد انه قضية خاسرة تماما مثلما يكون الحوار من طرف واحد لان الحوار اصلا يجب ان يكون بين اثنين .
والفكرة لايحجبها المنع وانما يحجبها فكرةاخرى تكون اقوى في الحجة والاقناع .

عماد النويرى


No comments: