السينما العربية... ومعجون الطماطم
أكثر من مائة عام مرت الآن على ظهور السينما، وأكثر من خمسين عاما مرت الآن على ظهور التلفزيون،وعرفت بلاد العرب السينما بعد عام واحد من ظهورها العالمي، وعرفت بلاد العرب التلفزيون بعد سنوات قليلة من ظهور الشاشة الصغيرة لأول مرةِ وعلى الرغم من ذلك فان صناع السينما عندنا، ، ما زالوا يصرون على استخدام 'صلصة الطماطم بدلا من الدم الصناعي.ِفي أي فيلم عربي من الطبيعي ان تقع حادثة ما، ومن الممكن ان يجرح فيها البطل أو البطلة، ومن الممكن ان يقوم حبيب البطلة القديم بضرب حبيب البطلة الجديد بعد ان يحيك ضده أكثر من مؤامرة، ومن الممكن ان ترفض أم البطلة ان تتزوج ابنتها من حبيبها وتقوم بضربه علقة ساخنة تدمي رأس الحبيبِِِ وفي كل تلك المشاهد لا بد من وجود الجروح والدماءِ . في الافلام 'المتحضرة' يكون مقياس النجاح هو القدرة على خلق 'الأجواء'، واقناعنا ان ما نشاهده قريب من الواقع بدرجة كبيرة، وكلما كان المخرج بارعا في نقل التفاصيل الصغيرة، ينجح العمل في اكتساب اعجابنا واهتمامنا، وفي هذه االافلام لا مجال لمعجون الطماطم!ِفي واقع الأمر عندما تضرب الأم حبيب ابنتها , أو عندما يضرب البطل والد حبيبته، وعندما تحتدم المعارك وتشحذ أسنة الحراب والسيوف، لا بد من ان تسيل الدماء والدموعِ وعلى الرغم من ان صناع الدراما العربية قد وجدوا الكثير من الحلول بالنسبة إلى موضوع 'الدموع'، سواءعن طريق عصير البصل أو عن طريق استحضار بعض المواقف الحزينة والمؤلمة في حياة البطلة بواسطة الذاكرة الانفعالية ، فان اغلب جهابذةالسينما العربية لم يجدوا حتى هذه اللحظة الحلول المقنعة لمشكلة الدماء، على الرغم من أن صانعي السينماوالتلفزيون في العالم كله وجدوا الكثير من الحلول لهذه المشكلة، منها مثلا الاستعانة بكبسولات الدم الصناعي التي تخفى في أماكن غير ظاهرة، وسرعان ما تتفجر عندما يلزم الأمرِ وهذا واحد من عشرات الحلول التى وصل إليها مهندسو وخبراء المؤثرات الخاصة في مجال الصورةِالمشكلة ان مخرجي الدراما العربية عندنا لا يكتفون بتلطيخ ملابس المصابين ببقع الصلصة بدلا من الدماء بشكل فاقع، وانما يصر هؤلاء المخرجون على ان تظهر هذه البقع حتى بعد ان يذهب المصاب إلى المستشفى وتجرى له كل الاسعافات المطلوبةِكما هو واضح فان أغلب مخرجي السينما العربية يبدو انهم لا يستطيعون التفريق بين لون الدم ولون الصلصة 'ِكما يبدو أيضا ان مخرجي السينما العربية بعيدون تماما عن الاحداث، ولو قاموا مرة واحدة بمتابعة الشاشات الفضائية، ولو تابعوا كل يوم حجم القتل والدمار، ولو تابعوا قليلا مشاهد الدم المنساب من ضحايا التفجيرات فى العالم كله ، أتصور ان هؤلاء المخرجين لو فعلوا ذلك من المؤكد انهم سيعرفون الفرق بين لون الطماطم ولون الدم والفرق بين رائحة الدخان ورائحة الصلصة
عماد النويرى .
4 comments:
اعرف ان الموضوع جدي و لكنني لم اتمالك نفسي من الضحك و انا أقرأه
و أضيف: و المؤثرات الصوتية لصوت البوكس في السينما العربية الشبيه لصوت عطسه
هي جت على صلصة الطماطم بس؟
في فن المسرح يوجد ما يُسمّى بكسر الإيهام ، ودا بيستخدموه ف احيان نادرة جداً عشان يخرّجوا المتفرج ويخلوه يتفاعل مع الممثل واننا بنعمل قدامكم حدوتة من الآخر كده يعني
في السينما الجميلة بتاعتنا بقى .. دايماً فيه كَسْر ايهام .. يعني احنا داخلين فيلم وعارفين ان دي صلصة ، وانه بيغمى على البطلة كده وكده ، وووووو... يعني احنا بنتفرج على تمثيل .. وبنمثل اننا مصدقين التمثيل ..
والناس القلائل اوي اللي المتفرجين اللي مش عاجبهم العك بتاع التمثيل جوه الفيلم ولا العك بتاع تمثيل تصديق التمثيل اللي بره الفيلم .. اللي زي حضرتك.. نادرين ..
:)
فعلا والله عندك حق والموضوع ده لفت انتباهي جدا
زي بالظبط صوت العربيات وهي بتجري تلاقيها علي طول بتعمل صوت صرير وهي اساسا ماشيه علي سرعه 10 كتاكيت
وفي الحاله دي يا اما فيها كوبلين مكسور او العجل عاوز يتغير ههههه
والله انا مش عارف اقول ايه فعلا كل الافلام بقت شبه بعض في الصوت والصوره كمان
تحياتي
العمل الفنّي الضخم و الكبير تصنعه التفاصيل و الجزئيات الصغيرة..و يمكن لنفس الجزئيات ان تُفشل العمل و تنزله الى أسفل..فكرة الطماطم فكرة طريفة جدا و أعتقد انها تحيل على ضرورة تطوير التقنيات في كل مكونات اللغة السنمائية..لست ادري لماذا تذكرت السيارة الوهميّة التي كان يقودها أنور وجدي و بجانبه ليلى مراد...و هما في الستوديو
Post a Comment