Tuesday, June 12, 2007




خان يواصل ابداعه فى ( شقة مصر الجديدة )

محمد خان يعتبر واحدا من المخرجين الجادين الذين اصدروا بيان جماعة السينما الجديدة في نهاية السيبعينات , واخذوا على عاتقهم ارساء دعائم فنية وجمالية وطرح مشكلات واقعية بشكل جاد وعميق . درس خان السينما في لندن وهناك كان مشحونا بلهفة الاستطلاع وكان يشغل وقته الزائد بمشاهدة الافلام السينمائية في دور السينما في الستينيات وبداية السبعينيات وهو العصر الذهبي للسينما العالمية والاوربية حيث كانت هناك اسماء كبيرة تركت بصماتها الذهبية امثال (جان لوك غودار) و (فدريكو فلليني)، و(بازولوني) و (انجماربرجمان) و (روسليني) وحين عاد الى مصر كان متوقدا بالافكار الجديدة، وروح التحدي والابتكار. لكن واقع السينما انذاك وفرص الانتاج بعثت فيه اليأس والقنوط فعمل مساعد مخرج في فلم لبناني ولم يكن راضيا عنه ثم الف كتابا عن السينما التشوكاسلوفاكية بعدها عاد الى لندن ليستقر هناك ولكن دعوات المونتيرة (نادية شكري) ودعوات صديقه الحميم المصور (سعيد شيمي) بالعودة جعلته يتراجع عن قراره ورغم التشابهات في الخطوط العامة الا ان تجربة خان تكاد تكون نادرة في السينما المصرية والعربية وتختلف حتى عن تجربة اصدقائه من مؤسسي السينما الجديدة (عاطف الطيب)، (خيري بشارة)، (رأفت الميهي) (علي عبد الخالق) فخان ينفرد ويتفرد عن باقي المخرجين في انه يكتب القصة لاغلب اعمالهواذا كسر القاعدة فانه لابد وان يتعاون مع اناس قريبين منه وهذا يجعله اكثر حميمية مع افلامه ويجعله مسيطرا على مجمل تفاصيل الفلم فقد كتب قصص افلام (موعد مع العشاء) و (احلام هند وكامليا) و (طائر على طريق) و (سوبر ماركت) و (زوجة رجل مهم) و (الحريف) و (عودة مواطن) و (الغرقانة) و( كلفتى ) كما انه اشترك مع الناقد السينمائي رؤوف توفيق في كتابة فلم (مشوار عمر) ومع (فايز غالي ) في كتابة (فارس المدينة)، ومع (بشير الديك) في (يوسف وزينب) كما انه ساعد على بناء الركيزة الاساسية لصديقه (عاطف الطيب) حين اهدى له قصة وسيناريو وحوار فلم (سواق الاوتوبيس) وبه كانت انطلاقة (عاطف الطيب).ثم اخيرا تعاون مع كاتبة السيناريو وسام سليمان ( زوجته ) وعملا سويا فى فيلمى ( بنات وسط البلد ) و( فى شقة مصر الجديدة ) .



وايه متابعة لمسيرة خان الفيلمية سنجده دائما رافضا للقوالب الجاهزة والنمطية بعيدا عن المفهوم التجاري السائد في السينما و حين رفض المنتجون انتاج فلمه (فارس المدينة) اضطر الى ان يرهن بيته وسيارته وكل مايملك لانتاج الفلم . لقد حذره كل من صديقه (عاطف الطيب) و(خيري بشارة) الى ان هذا الفلم قد يكون مغامرة غير محسوبة نتائجها , وقد يفشل تجاريا , الا ان خان رفض الرضوخ مفضلا تقديم مايؤمن به بعيدا عن حسابات السوق وتوقعات الربح والخسارة . ان محمد خان من المخرجين النادرين الذين يتعاملون مع الدلالات النفسية لحركة الكاميرا وهي رؤية جديدة للفلم تتيح للقطة الواحدة ان تحمل كل التشكيلات الجمالية والتعبيرية ان هذه اللقطات الذكية تعطي عدة دلالات بدلا من الدلالة الواحدة .


فى ( شقة مصر الجديدة ) يعطي خان الدور المناسب الى البطل المناسب وكعادته يتعامل مع الاسماء الصغيرة بنفس القوة التي يتعامل معها مع الاسماء الكبيرة وفى فيلمه الجديد يعيد خان اكتشاف غادة عادل فى دور الفتاة البسيطة النقية التى تاتى الى القاهرة لتصصطدم بقسوة المدينة وتوحشها ويعيد خان ايضا اكتشاف يوسف داود بعد ان هلكته الادوار الصغيرة ويطل خالد ابو النجا فى دور مشغول بحياة متدفقة يجيد ابو النجا تجسيدها ويمكن الاشارة ايضا الى عايدة رياض واحمد راتب الذان اكدا انهما نضجا بما فيه الكفاية . وغير ادارة الممثل واكتشافه نجح خان ايضا فى ( شقة مصر الجديدة ) فى ادارة اللقطة وربط عناصر القصة بتعقيد مدهش ثم صهرها ا في وحدة الفيلم الجمالية.واذا كانت الحياة عند مخرجنا عبارة عن معركة كما يرى الناقد البحرينى حسن حداد فى كتابه القيم عن محمد خان , فانها معركة لمحاربة الجمود والبحث عن بكارة الاشياء المنتهكة . واذا كانت المدينة هي المكان الذي تدور فيه الاحداث فانها وكما فى اغلب افلامه تأخذ عدة معان ودلالات تاريخية و وربما جمالية لتتحد وتتواصل مع الموضوع المصور او تتباين معه ليتحول المكان الى بطل اخر يتنافس مع ابطال الفلم ولابد من الاشارة ايضا الى كاميرا خان فائقة الحيوية التى تتعامل بحب وعشق شديدين مع المكان ومع الشخصية والى موسيقى تامر كروان الاصيلة والى مونتاج دينا فاروق الذى نادرا مافقد الايقاع .



. فى ( شقة مصر الجديدة ) تنجح وسام سليمان للمرة الثانية مع خان فى رسم ملامح حكاية سينمائية تحاول استراداد مشاعر الزمن الجميل , وينجح خان ومعه كتيبة رائعة من العازفين فى تقديم سيمفونية بصرية جميلة كان لها ان تطرب عيوننا وان تفتح فينا مسام الدهشة والانتشاء .



عماد النويرى















2 comments:

klephty said...

شكرا على المقال وكنت قد قرئته على النت حين نشر فى القبس..أنا و وسام نرسل تحياتنا وسأواصل متابعة المدونة
محمد خان

hanan said...

تحياتي للمبدع الفنان محمد خان
و شكرا لك استاذي لانني تعرفت على مدونته من تعليقه هنا

للاسف لم يتسن لي مشاهدة اعمال خان الجديدة و لكن افلامه القديمة مثل موعد على العشاء محفورة في ذاكرتي رغم السنين


كم اتمنى لو تصل الافلام العربية مثل شقة مصر الجديدة الى دور العرض هنا في نيويورك, هناك دور عرض متخصصة في الافلام الهندية في منهاتن و كوينز و لكن الانتاج العربي يصل الينا بالقطاره

المهرجانات التي تعنى بالسينما العربية نادرة و شحيحة الموارد و اعلاناتها لا تصل الا لمن ينقب عن الانتاج السينمائي العربي


تحياتي