دراما الارهاب والرؤيه الفوكوياميه
موضوع الارهاب يمثل أحد الموضوعات الشائكة في الدراما العربية بشكل عام وقد تنوعت واختلفت معالجة هذا الموضوع في السينما والتلفزيون وفى الاذاعه والمسرح . فى السينما نذكر مثلا أفلام ( الإرهاب والكباب ) و ( الإرهابي ) و( طيور الظلام) و( الآخر ) و( عماره يعقوبيان ) و( دم الغزال ) ,واخيرا وليس باخر ( عصافير النيل ) . وفى التلفزيون مازلنا نذكر ( ليالي الحلمية ) و( العائلة ) و( رجل في زمن العوامة ) . و ( الحور العين ) و( الطريق الوعر ) ولم تتح الفرصة لعرض مسلسل ( الطريق آلي كابول ).
ماهو الإرهاب ؟ ومن هو الارهابى ؟ وماهى أسباب الإرهاب ؟ اسئلة حاولت الاعمال السابقة البحث عن اجابات لها , ورغم الاجتهادات فان اغلب الاجابات لم تكن وافيه ولا شافية . فبعض الاعمال اكتفى بالتصوير السطحى لرجل الدين وهو يطلق لحيته ويرتدى الجلباب القصير , ثم يفجر القنابل فى مكان ما, ومن ثم يلوذ بالفرار .ويجرى تصوير كل ذلك بشكل كوميدى مقولب . وبعض الأعمال أرجعت الإرهاب آلي البنية العقلية والفكرية للمواطن العربي , باعتبار آن الفكر الديني يربى في كل بيت عربي إرهابي صغير . وبعض الأعمال الثالثة خاضت في هذا الموضوع بغرض الإثارة , وتقديم موضوع يشغل الناس , ويقيم الدنيا ولايقعدها على امل زياده جرعه الاثاره الدراميه من خلال مايوفره موضوع الارهاب من مشاهد تعتمد على المطاردات والايقاع السريع ويمثل ذلك اللعب على وتر يطرب اهل السينما , ودافعى تذاكر شباك طماع يرغب دائما فى المزيد من الحضور . . ولايمكن التعميم هنا فبعض التجارب فى مجالى السينما والتلفزيون استطاعت ان تقدم رؤيه متقدمه لكيفيه صناعه الارهابى ونجحت هذة التجارب فى تقديم حبكات دراميه منطقيه تستند فيها الشخصيات لخلفيات اجتماعيه واقتصاديه وسياسيه قادره دائما على تفريغ ارهابيين صغار فى كل لحظه وفى كل مكان . ونذكر من تلك الاعمال التى نجحت فى على المستوى الجماهيرى والنقدى مسلسل ( العائله ) التلفزيونى والفيلم السينمائى ( عماره يعقوبيان ) .
. فرانسيس فوكوياما المفكر السياسى الشهير صاحب فكرة ( نهاية التاريخ ) , يرى ان الموضوع معقد للغية , وحتى نضع ايدينا على السبب- فالمسؤولية تقع جزئيا على عاتق المجتمعات الاسلامية المتشدده , التى سمحت للايدلوجيات المتطرفة بالخروج عن السيطرة , وتجاهلت دعوات المفكرين والمستنيرين من اجل خلق مساحات من الوسطيه, يستطيع من خلالها افراد المجتمع التنفس بحريه دون قهر او مصادره . ويكونوا قادرين على التفكير الصحى دون الوقوع فى دوائر الرفض والتجهيل والتعتيم . وهناك مسؤؤلية اخرى تتحملها المجتمعات الاوروبية , التى فشلت فى امتصاص المسلمين باعتبارهم شركاء حقيقين فى المجتمعات الغربية , ولهم الحق فى الانصهار فى هذه المجتمعات كمطلب حضارى وانسانى .
و يرى فوكوياما ايضا – وله الحق فى ذلك - انه لوحدث تقدم فى حياة الأفراد , وتعاظمت الفرص أمام المواطنين , فان الافكار الظلاميه لن تجدا لها مكانا . والآمر الأخيرطبقا للرؤيه ( الفوكوياميه ) هو ان هناك مشكلة عالمية تتمثل في وجود شبكة دولية من المنظمات آلتي تروج للارهاب , وتسمح له بالازدهار , حتى تستطيع ان تروج بالتالى لتجارتها والتى تتمثل فى العديد من صفقات السلاح والمخدرات . وعلينا هنا ان ندرك حجم المليارات( المغسوله ) الناتجه من الاقتصاد الاسود فى المجتمعات الناميه والفقيره . وغير خاف على احد ان الاقتصاد الاسود ينمو ويترعرع كلما اشتدت الازمات . وكلما راجت الافكار الانهزاميه واطروحات الراى الواحد مع تكفير اراء الاخرين .
. ولذلك كله وطبقا لفوكوياما لايوجد سبب واحد يتحمل المسؤولية .
والمطلوب من الدراما العربية آن تواصل بحثها وتصويرها لموضوع الإرهاب . لكن مانتمناة ان يتم طرح هذا الموضوع فى المستقيل دون استسهال , ودون إغفال للأسباب الكثيرة والمقنعة آلتي تحدث عنها فوكوياما وغيرة من المفكرين والباحثين الذين يشغلهم هذا الموضوع فى بقاع الارض المختلفة . وعلى صانعى الدراما ان يتحلوا بالشجاعه والصدق لتقديم صور وحكايات لتصوير واقع الارهاب بكل اشكاله سواء الفكرى او الجسدى . والموضوع لايحتمل التاجيل .
No comments:
Post a Comment