Tuesday, May 04, 2010




مقالات
التوليفه الحلميه .. والتغيير
عماد النويرى


فيلم «ميدو مشاكل» مع شيرين يمكن اعتباره أول بطولة حقيقية تحمل احمد حلمي مسئوليتها في السينما بشجاعة , والفيلم من تأليف احمد عبد الله ومن إخراج محمد النجار . قبلها شارك حلمي في بطولات مشتركة كما حدث في (عبود على الحدود) و( ليه خلتني احبك ) و ( عمر 2000 ) و( الناظر ) و( 55 إسعاف ) و( السلم والتعبان ) و( رحلة حب ) . وأدى نجاح (ميدو مشاكل) إلى وضع احمد حلمي في مقدمة نجوم الكوميديا المعاصرين واعترف به الجمهور , واعترف به النقاد أيضا للدرجة التي أطلق أحدهم علية ( بيتر سيلرز السينما المصرية ) تماما كما أطلق على عبد المنعم مدبولى( تشارلي شابلن العرب ) .
وأكد فيلم ( سهر الليالي) , المختلف شكلا ومضمونا عما هو سائد , إضافة مهمة لرحلة حلمي أكدت على موهبته التمثيلية التي تجيد تجسيد الكوميديا والتراجيديا .ومن بين أبطال الفيلم جذب احمد حلمي الانتباه كممثل قادر على التحكم في أدواته التمثيلية المختلفة . وقد حصد الفيلم عشرات الجوائز خاصة جائزتي التمثيل رجال ونساء التي منحت لكل الممثلين كفريق عمل واحد دون ان تمنح لفنان أو فنانة بمفردها. وفى ( صايع بحر) حاول حلمى التجديد مرة اخرى , وسعى لتقديم شخصية مختلفه وحتى يقنع المنتجين والمخرجين انه ليس قادرا على إضحاك الناس فقط , وإنما يستطيع ان يقنعهم أيضا انه ممثل يجيد كل الأدوار . .ومثل ( سهر الليالي ) يمكن اعتبار ( صايع بحر ) واحدا من العلامات المميزة على طريق رحلة حلمي الفنية . بل هو يعتبره من أهم الأفلام في مشواره الفني .
بعد ( صايع بحر ) قدم حلمى ( زكى شان ) و( ظرف طارق ) و( جعلتنى مجرما ) و( مطب صناعي ) و( ااسف للإزعاج ) و( كده رضا ) و( الف مبروك ) . ومع قليل من المتابعة كان يمكن تقفى اثا ر ملامح البطل ( الحلمى ) , والمقولات والرسائل التى يرغب احمد حلمى في توصيلها .
النكتة اللفظية هى واحدة من الملامح الرئيسية في أفلام احمد حلمى والتلاعب بالألفاظ بشكل عام ( خاصه التلقائى منه ) يقدم حالة من الضحك المضمون والسهل , ويحاول حلمى تقديم نوعية من الكوميديا ( الروشة ) التى تعتمد على افيهات عصرية شبابية يمكن التعرف على مصادرها في النوادي الرياضية و ( الكفيهات ) الحديثة المنتشرة بشكل سرطاني في أحياء القاهرة الراقية , والغير راقية , والتوليفة الدرامية للأفلام ( الحلمية ) هى توليفة خفيفة على القلب لاتفجر قضايا , واذا كان لها ان ترتبط ببعض قضايا الشباب فهى تحل هذه القضايا بحلول توفيقية و ( تلفقيية ) كما يحدث في اغلب الأفلام العربية .فى بدايه الفيلم نحن بصدد التعرف على شاب فقير او من الطبقه المتوسطه يعانى مثل ملايين الشباب العاملين او العاطلين عن العمل وهو يقع فى الحب ويرغب فى الزواج . و في نهاية الفيلم حتما سيتزوج البطل و البطلة بعد ان يتخطى كل الحواجر و الصعاب . كما حدث مع شيرين فى ( ميدو مشاكل) وياسمين عبد العزيز فى ( صايع بحر ) ونور فى ( ااسف للازعاج ) .
وهناك طبعا الصديق السنيد خفيف الدم الغنى الذى يساند صديقه ولابد ايضا من صديقه للبطله. وسنجد دائما فىاغلب الافلام رجل الأعمال والابن او الابنة الصغيرة , ثم الابنة الكبيرة آو السكرتيرة , ثم ابن العم الطامع في الثروة . وان اختلفت القصة قليلا فى ( مطب صناعى ) او فى ( اسف للازعاج ), او فى ( الف مبروك ) وهنا نستثنى محاولات التجديد الكبرى فى ( كده رضا)و( الف مبروك )
وكما يبدو فان احمد حلمى يعيد تقديم نفسه لكن مع بعض التغيرات الطفيفة . ورغم التكرار احيانا , سيبقى احمد حلمى هو اكثر ابناء جيله تميزا من حيث بحثه الدائم عن التغيير ,ونذكر له انه يحاول قدر المستطاع البعد عن تقديم الالفاظ الخادشه لمناسبه ودون مناسبه . وهو فى اغلب مايقدم يحاول على قدر المستطاع تقديم كوميديا تحترم الوجود العائلى فى صاله العرض . وهو دائما وبلا خوف يقترب من مناطق شائكة لايتجرا غيره من نجوم الكوميديا على الاقتراب منها .

Sunday, May 02, 2010


المذيعه ( بتاعت ) كله

الثقة بالنفس , والشجاعة الأدبية , والقدرة على إدارة الحوار , و الموهبة , والحضور , كلها عوامل ومقومات تساعد على وجود مذيعة ناجحة ,قادرة على إدارة الحوار , وتحقيق طله تلفزيونية فضائية بهية . . . وإذا نجحت المذيعة فى عملها لابد ان تكسب احترام المشاهد , وإذا اكتسبت احترام المشاهد لابد وان تحرص على صورتها أمامه , وان تحاول دائما ان تحافظ على مصداقيتها لدى الجمهور بشكل عام عن طريق الحرص على مستواها .هذا غير أهمية وجود ثقافة تحميها اذا قدمت برامجها على الهواء . ومااكثر البرامج ( الهوائية ) التى أصبحت تميز ايه فضائية ناجحه . ومثال على ذلك برامج ( التوك شو ) على دريم , والحياة , والفضائية المصرية , والراى , وغيرها .
المشكلة ان التلفزيونات العربية , والمحطات الفضائية , وحتى التلفزيونات الارضية . لم تعد تهتم كثيرا بتقديم نموذج المذيعة التى تتحلى بالصفات السابقة , وأصبح أمامنا فى الغالب المذيعة ( بتاعة كله ) آلتي تعد البرامج وتقدمها وترقص , وتغنى , وتصفق , وتصفر , بل و ( تزغرد ) أحيانا , ولامانع أيضا ان تطلق النكات حتى تكون ( مهضومة ) وخفيفة ولطيفة.
غير ذلك فهي تتبسط مع الضيف , حتى تقنع المشاهد بمتانة العلاقة بينهما . وهى فى كل الحالات ترى أنها أهم من أوبرا وينفرى .
والملاحظ ان غالبية المذيعات أصبحن فى حالة لهاث لتغيير أشكالهن من خلال عمليات التجميل المتاحة الان بشكل سريع , ورخيص , وسهل . فبعض المذيعات يعتقدن أنهن أهم وأجمل من الضيفات الفاتنات , وأنهن لايقلن نجومية عن نجمات الغناء والتمثيل . وبعض المذيعات يقبلن بهذه المهنة , باعتبارها بوابة للدخول آلي عالم الشهرة و الفن. ولاباس من ان تكون ألمذيعه مقدمه برامج , وممثلة , ومغنية . ولنا ان نتصور ان مذيعه من هذا النوع تظهر على فضائيه وهى تقابل أستاذ جامعه مرموق , اوعالم دين جليل , ثم تظهر على فضائيه أخرى , وهى تتلوى على الفراش بقميص نوم احمر , يكشف أكثر مما يخفى .
الساحة الفضائية ( متروسة ) بالنماذج السيئة , وعلى الفضائيات يتنامى بشكل سرطاني نوع اخر من ألمذيعه ( بناعت كله ) وهى تلك المذيعة التى تحتل الشاشة لمده ثمان ساعات على الأقل كل يوم , وهى تستجدى الاتصالات من اى مشاهد لايجد مايفعله لكى يجيب على اسئله ( خايبه ) , أو يحل فزوره من نوع ( كم عدد اصابع اليد ) !
ولكن على الجانب الأخر تقف العديد من النماذج التى نقدم لها التحية كل يوم , وهم يسرن على خطى مذيعات نكن لهن كل الاحترام والتقدير , والمشكلة ان النموذج ( بتاع كله ) أصبح ينتشر كالسرطان فى اللحمة الفضائية , وأصبح يمثل مدرسة يتخرج منها المزيد بشكل لافت للنظر , كل يوم بل كل ساعة , وأصبح الجمال الزائف والمصنوع هو سيد الموقف . وأصبحت كل واحده تهتم بنفخ الشفة أكثر من نفخ الغبار المترسب على تلافيف مخها , لكى تكون أكثر وعيا . هذا ناهيك عن عمليات الشد والشفط والتكبير والتصغير .
وأصبح واقع الحال يقول أننا أصبحنا نملك ( مذيعات كليب ) يتنافسن في تقديم الإبهار الشكلي أكثر من الإبهار العقلي , مع ( خلع ) كل قيمة يمكن آن يحرص عليها المشاهد .
التعالي على الضيوف والتبسط المخل الذى يلغى الاحترام المتبادل , ومحاولة فرض الراى الآخر على الضيف , وعدم الموضوعية في تبنى وجهات النظر كلها خطوات نحو طريق الفشل , وفى النهاية ستسقط الأصباغ , وسيذبل جمال الوجه والقوام .
ساعد على انتشار نموذج المذيعه ( بتاعت كله ) هو حاله توالد الفضائيات الجنونى نتيجه رخص التقنية الفضائية ., وحاله الصراع الدامى على (كعكه) الاعلان العالمى والعربى , ومايستدعى ذلك من وجود عوامل جاذبة ومغريه على رأسها المراة ( السلعه ) , التى تتحلى بكل عوامل الاثاره والاغراء , ثم حاله انحسار , بل اختفاء الرقابه أحيانا بشكل كامل من الكثير من الفضائيات , ونقصد هنا وبالتحديد رقابه الأخلاق الذاتيه , ورقابه الضمير المهنى , والقادم اعظم !!
مقدمات الأمور وطبيعتها تصل بنا الى نتائج من طبيعه الامور فى اشكالها الاولى
ومقدمات الامور تقول لنا ان السياده ستكون قريبا للمذيعه ( بتاعت كله )ان لم يكن ذلك قد حدث بالفعل . لكن القادم يقول ان المشاهد سيكون فى حاله مشاهده من نوع جديد ستتحول فيه اغلب البرامج الى( كليبات ) تقدمها المذيعات ومنها كليبات الرياضة , وكليبات الاخبار , وكليبات الصحه . وسيكون مقياس الجذب والاثاره بين الفضائيات هو نجاح كل مذيعه فى تقديم مواهبها الفاتنه . وفتنتها المدمرة . ومايلزم ذلك من اتخاذ مايلزم !!
طبعا من المطلوب ميثاق شرف تلتزم ببنوده التلفزيونات العربية , والمحطات الفضائية , ومطلوب آن يضع هذا الميثاق العديد من الشروط الواجب الالتزام بها من قبل آي مذيعة تفكر في الظهور العلني , ولعل من أول هذه الشروط جمال العقل والشخصية . ومطلوب ان يتحلى أصحاب الفضائيات بقدر من الضمير المهنى . ومطلوب الا يتمادى المشاهد فى اعجابه بالنماذج الفاسدة . والمطلوب أكثر من كل ذلك ان تمارس المؤسسات والهيئات الثقافية ادوارها لتحصين المشاهد كى يكون قادرا على الاختيار الصحيح .

Wednesday, April 14, 2010



عبد الوهاب
وقناعات متغيرة


نعم ..قناعات المرء تتغير ,,,
في زمن ما كانت قناعاتى ان محمد عبد الوهاب مجرد مطرب للملوك والسلاطين ,ومغنى لكل العصور , وكما نجح ان يكون الأول في عهد الملك فاروق , نجح أيضا في ان يحتفظ بمكانته المميزة في عهد عبد الناصر, وواصل ظهوره المتألق وحصل على الدكتوراه في عهد السادات , ثم حصل على رتبة لواء واصبح جنرالا ذا مهابة فى كل ( البلاطات ) الموسيقية العربية .
وكان من قناعاتي ايضا ان عبد الوهاب مجرد (لص )الحان قام بالاطلاع على الموسيقى العالمية بقديمها وجديديها , ثم في غيبة المهتمين والمتخصصين قام بسرقة الإيقاعات والالحان الغربية ليطعم بها تجديده وتطويره للموسيقى العربية .
وكنت متحمسا للقول الدى كان يرى ان عبد الوهاب كان ( مزورا )للتاريخ من الدرجة الأولى عندما غنى ( محلاها عيشة الفلاح ) بينما كان الفلاح يعيش تحت خط الفقر وفوق صفيح ساخن من الذل والمهانة والاستعباد .
وفى التقييم العام كنت من المؤمنين بان احمد عدويه أكثر أهمية من عبد الوهاب لان الأخير لم يستطع الوصول إلى الشعبية التي حققها عدويه عند طبقة الكادحين والعمال والبسطاء والهامشيين والدهماء . هذه الطبقة التي تمثل السواد الأعظم من المجتمعات العربية .
وكان لبعض القناعات ان تتغير .
توارت اغلب أعانى عدويه , وتناساها الناس , لكن مازالت أعانى مثل ( النهر الخالد ) و( مين عذبك ) و( بلاش تبوسنى ) عالقة في الأذهان بجمال كلماتها ومعانيها .
وأثبتت الدلائل والأبحاث والبراهين العلمية ان عبد الوهاب لم يسرق شيئا من احد, وإنما كان مثل غيرة من المبدعين ,حريصا على الاطلاع على المورث الموسيقى العالمي بكل تنويعاته ., وكان له ان يتأثر مثل اى مبدع حقيقي ببعض الأشكال الموسيقية وبعض الألحان ,
وتاريخ الفن حافل بالتجارب المتشابهة في البيئات المختلفة في مختلف أشكال وأنواع وأجناس الفنون .
وفى تصنيف الفنانين يوجد فنان ملتزم وأخر عير ملتزم , لكن لايوجد فنان خائن وعميل وفنان بطل ونبيل , الفنان طالما انة فنان بحق فهو بالضرورة وبشكل عام ضد الظلم , ومع الإنسان والإنسانية على طول الخط . ومن الجرائم التي نرتكبها تفصيل مانؤمن بة من نظريات وأيدلوجيات وأفكار على مقاس اى فنان . وفى أحيان كثيرة يكون الثوب أوسع كثيرا أو أضيق كثيرا مما نتخيل . وإذا كان عبد الوهاب قد غنى للأمراء والملوك فلماذ نعتبر ذلك سبة وعمل مشين والأيام تثبت لنا ان بعض الملوك والأمراء أكثر طهرا من غيرهم . ولماذ لانقول ان عبد الوها ب لم يسع للغناء عند احد وإنما كان الجميع يتشرف بوجوده والاستماع إلية . أثناء حياته شهد عبد الوهاب الكثير من الأحداث , وعاش تحت مظلة الدولة العثمانية والاحتلال البريطاني , وشارك فى فرحة التحرير والاستقلال ,وشهد حروب 48 و56 و67 73 ,واثناء حياته توالى على الجكم الكثير من الحكومات والوزراء, وذهبت كل العروش والكراسي ,لكن ولفترة طويلة مقبلة ستبقى اغانى والحان عبد الوهاب لما فيها من إبداع حقيقى .
دعونا نتذكر عبد الوهاب كواحد من الذين اثروا على وجدان ملايين من العرب , وستبقى أعمالة كعنوان لكل ماهو جميل وأصيل .

Sunday, April 11, 2010




( نصف ميلغرام نيكوتين ) ..
منع فى دمشق وحصل على الجوائز فى ايطاليا .

كتب عماد النويرى
خلال العقدين الاخيرين فى الالفية الثانية , كان يمكن متابعة العديد من الافلام السورية التى تم انتاجها من خلال مؤسسة السينما السورية , واستطاعت ان تجذب الانتباه لتفردها وتميزها على مستوى الشكل والمضمون . ونذكر من هذة الافلام ( كومبارس ) نبيل المالح ) و( صعود المطر ) و( نسيم الروح ) لعبد اللطيف عبد الحميد و( اللجاة ) لريمون بطرس . ولاننسى بالطبع الافلام التى قدمها محمد ملص واسامة محمد وعمر اميرالاى وسمير ذكرى . وكان من الملاحظ ان اغلب المخرجين السابقين استطاعوا بنجاح ان يتغلبوا على الكثير من الظروف والعوائق التى واجهتهم سواء تلك الضغوط الرقابية او تلك الانتاجية . وهى ضغوط وعوائق تواجه اغلب السينمائيين فى بلاد العرب نظرا لعدم وجود مساحات كافية للتنفس الابداعى الذى يتطلب فى كل الاحوال كمية مناسبة من الاكسوجين الديمقراطى النقى . نجحت العديد من الافلام السورية فى المشاركة فى المهرجانلات العربية والعالمية بل حصدت الكثير من الجوائز ونذكر هنا ( الكومبارس ) و( صعود المطر ) . باعتبارهما من الافلام التى كسرت القوالب التقليدية فى الشكل السينمائى , وحاولت التغريد خارج منظومة القواعد( الارسطية ) التى كبلت ومازالت تكبل الانتاج السينمائى العربى بشكل عام . وازعم ان فيلم (نصف ميلغرام نيكوتين ) للمخرج محمد عبد العزيز الذى عرض منذ فترة قليلة فى ملتقى الثلاثاء , ينتمى ايضا الى سينما مختلفة , من حيث الشكل والمضمون . ويذكر ان الفيلم قد شارك فى مهرجان ( بارى) لسينما حوض البحر المتوسط ,وحصد اربع جوائز منها جائزتى الاخراج والتصوير . كما شارك فى الدورة الاخيرة لمهرجان دبى السينمائى . والغريب ان الفيلم لم يتم قبول مشاركته فى الدورة الاخيرة لمهرجان دمشق السينمائى .
فى ( نصف ميلغرام نيكوتين ) الذى تدور احداثه فى الزمن الحالى سنتعرف على طفل على ابواب الصبى يجد نفسه فجاة فى احضان غانية تحاول ان تجمل حياتها بعد ان ادركتها سنوات الغروب . وفجاة ايضا يموت الطفل الصبى فى حادثة سيارة وهو بعد لم يعش مرحلة الطفولة . وهناك ذلك الرجل الذى يحاول الانتحار تكفيرا عن قتله لابنته حتى يكيد للمراة التى خانته وهجرته . وسنتعرف ايضا الى ذلك الشاب المسيحى الذى يجب فتاة محجبة ترفض الى اخر لحظة ان تخلع الحجاب وتوافق فى النهاية ان يرسمها الحبيب وجهها لاولمرة وايضا لاخر مرة . اربع حكايات تتقاطع فى بناء سردى غير تقليدى ويلعب الرمز فى هذا البناء الدور الاكبر .
مثل تاركوفسكى , وفللينى , وانجلوبولس , وعبداللطيف عبد الحميد, ويوسف شاهين , وداود عبد السيد , يرى كاتب السيناريو المخرج محمد عبد العزيز ان السينما اداة للبحث والمعرفة فى كل القضايا التى تشغل الانسان , وهى اداة ذهنية للتامل تساعدنا على الكشف عن دواخلنا لنستطيع بطريقة اسهل التواصل مع الاخر . لان السينما دون الفنون الاخرى -خاصة تلك السينما الخالصة التى تمس الروح - قادرة على ان تفك الشفرة التى تقف كحجر عثرة امام التواصل الانسانى بشكل عام . ومن هنا نستطيع ان نقول ان فيلم ( نصف ميلغرام نيكوتين ) لايحكى فى واقع الامر , ولايقول , انما يقدم الصور التى تقودنا الى الذكريات , فى بناء سردى شاعرى يطمع فى جذب ارواحنا واهتمامنا , ربما تفتحت مسام وعينا وادراكنا فى نهاية المطاف .

الفيلم ( الفن ) يحتفى بالصورة بكل اركانها . ويقدم تشكيلية لقطة مكثفة ومعبرة وهنا اشارة الى القدرة على اللعب بالضوء والظلال بطريقة مبهرة ومؤثرة كما يمكن التوقف عند الديكور والملابس باعتبارهما من العناصر المهمة فى ابراز الحالة النفسية للشخصيات . وفى كثنايا كل لقطة يمكن متابعة الاهتمام الزائد بالتفاصيل الصغيرة الموحية الممتمثلة فى اختيار قطع اساس معينة تؤكد الزمان وتتحد مع المكان والشخوص .
.ورغم انها التجربةالاولى للمخرج فى عالم السينما فاننا سنجد الممثل يجسد الشخصية ويعيشها وهو فى افضل حالاته الابداعية . خالد تاجا، مي سكاف، عبد الفتاح مزين، وائل وهبة، جيني إسبر، مجد نعيم، ياسين بقوش.‏‏كل هؤلاء المثلنين لعبوا ادوارهم بحرفية عالية خاصة خالد تاجا فى دور الرجل القاتل لابنته ومى اسكاف فى دور الغانية والطفل زين حمدان فى دور ( البويجى )

ويبقى ان ( نصف ميلغرام نيكوتين ) هو واحد من الافلام السورية المميزة التى ظهرت خلال الفترة الاخيرة . وهو يمثل احد نتاجات القطاع الخاص فى سوريا وهى بادرة تبشر بوجود نفس جديد وتنوع مطلوب فى الواقع االسينمائى السورى .









Tuesday, April 06, 2010



سينما عربية



( تذكرة الى القدس ) .. وحواجز السينما الفلسطينة الجديدة .




كتب عماد النويرى

عبور الحواجز , والمعاناة التى يلقاها الفلسطينى للانتقال من مكان الى مكان فى اى مدينة فلسطينية محتلة ,اوفى اى مخيم محتل داخل الارض المحتله , اصبح هو الموضوع الاثير, والتيمة المتكررة فى اغلب نتاجات السينما الفلسطينة خلال العقدين الماضيين . ونذكر هنا افلام ( زواج رنا ) لهانى ابو اسعد , و( يد الهية ) لاليا سليمان و( ملح هذا البحر ) لان مارى جاسر و( تذكرة الى القدس ) لرشيد المشهراوى . ويمكن القول ان هذة المجموعة من المخرجين ومعهم ميشيل خليفى ونجوى النجار ومحمد العطار , ينتمون الى مايسمى الموجة الجديدة فى السينما الفلسطينة . تلك الموجة التى دشنت وجودها على يد ميشيل خليفى الذى قدم ( الذاكرة الخصبة ) عام 1981 .

فى فيلم ( تذكرة الى القدس ) الذى عرض فى الفترة الاخيرة ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافى , سنتعرف على جابر ( غسان عباس ) وهو مواطن فلسطينى يبدو من ملامحه انه فى منتصف العمر وربما على وعى بما حدث فى االنكبة الثانية عندما ضاعت القدس الشرقيه عام 67 . وهو يعرف تماما ن القدس الغربية كانت قد ضاعت مع النكبة الاولى عام 48 . يسكن جابر فى مخيم ( قلنديا ) وهو يعمل كعارض افلام لللاطفال فى مدارس المخيمات . وهو يحب ويصر على هذا العمل باعتبار ان الافلام الحقيقية التى تحكى عن الشعب الفلسطينى وماساته موجودة ليل نهار وتبث من خلال المحطات الفضائية , وهى افلام فى العادة ملطخة بالدم ,ويرى جابر ان الاطفال من حقهم قضاء لحظات فرحة حقيقية مثل بقية الاطفال على وجه الارض , ويمكن استحضار بعض لحظات السعادة لهؤولاء الاطفال المساكين من خلال عرض فيلم كارتونى يقدم حكاية بسيطة ليست بالضرورة حكاية خطابية وزاعقة تحرض على الثورة وتدعو

لتحرير الوطن . يرى جابر و كما سنسمع فى حوارات الفيلم ان الوطن اذا كان قد تم احتلاله فيجب الاعتراف بذلك اولا كحقيقة واقعة . واذا كانت الحكومات والمقاومات والسلطات المختلفه قد عجزت عن تحرير هذا الوطن , فان ابسط اشكال المقاومة هو البقاءوالتواجد فى المكان والزمان على ارض الوطن , رغم كل المعاناة . يحلم جابر بتخطى الحواجز والذهاب للقدس لعرض افلامه فى احد احياء المدينة المحتلة بعد ان يتسلم دعوة من احدى المدرسات هناك . وحتى يصل الى القدس ثم الى مكان العرض سنكون كمشاهدين على تماس بالواقع اليومى المحبط والمحزن الذى يواجهه اى فلسطينى يعيش فى المخيمات و يرغب فى التنقل من مكان الى مكان , خاصة اذا كان هذا التنقل مصحوبا بماكينة للعرض السينمائى .
يصطحب جابر معه زوجته سناء ( عرين عمارى ) التى تعمل ممرضة فى الهلال الاحمر الفلسطينى , والتى تركت اهلها فى مخيم عين الحلوة لتعيش مع زوجها فى مخيم قلنديا . بعد معاناة حقيقية لتصليح ماكينة العرض يتم تخطى الحواجز, و ينجح جابر وزوجته فى الوصول الى مكان العرض فى ساحة بيت ام ابراهيم . رغم حصار المكان بالعديد من المستوطنين المحتلين لبيت ام ابراهيم , ورغم نظرات العداء لاصحاب البيت ولضيوفه يتم العرض . ويحقق جابر حلمه الصغير باسعاد مجموعة من اطفال القدس المنسيين .

فى الفيلم الحكاية والسيناريو سنجد الكثير من الرموز والدلالات. فماكينة العرض السينمائى دلالة مبطنه على المقاومة بالصور باعتبار ان السينما هى ذاكرة الوطن , واسم ام ابراهيم صاحبة البيت المحتل فى القدس الشرقية دلالة على الاتكاء على الموروث الدينى , ربما انعشاسم ( ابراهيم ) الذاكرة لتعود بنا الى الزمن القديم , لتؤكد لنا ان سكان القدس لهم جذور ممتدة فى التاريخ . و وجود صديق جابر ميكانيكى السيارات الذى يقوم بتصليح ماكينة العرض يثرى الحوار عن مفهوم السينما واهميتهاوهو معادل موضوعى ايضا للعديد من النماذج الموجودة فى الارض المحتلة التى استسلمت للواقع وترغب فى العيش بسلام بعيدا عن ( وجع الراس ) . وظهور الاب بموقفه السلبى كان مهما لتاكيد رسالة جابر كعارض لللافلام , فى ( تذكرة فى القدس ) وبعدها فى ( عيد ميلاد ليلى ) للمخرج المشهراوى ايضا وفى اغلب افلام الموجة الجديدة الفلسطينة , تتم اعادة تشكيل ملامح الانسان الفلسطينى, الذى اكتفى فى الكثير من الافلام السابقة بالظهور كضحية مسكينة ومظلومة تستجدى العالم من خلال استجداء الاسرائيلى لكى يفجر فى وجوهنا اكبر كمية دم ممكنة من دماء هذا الفلسطينى المسكين . فى ( تذكرة الى القدس ) وفى غيره من الافلام التى تنتمى الى هذة الموجه نحن بصدد صورة مختلفة تقدم الفلسطينى فى شكل متحضر وانسانى له مشاكله مثل كل البشر , وهو قادر على التغلب على هذة المشاكل . ورغم الاحتلال والحصار والمعاناة . هو قادر ايضا على ممارسة الفرح , ومواجهة المحتل بسلاح السينما ( لاحظ حجم بكرات جهاز العرض الذى يصحبه جابر الى القدس وكانه مدفع كبير ) .

فى الفيلم ( الفن ) يمكن الحديث عن اداء تمثيلى راقى لعرين عمارى التى اجادت تجسيد شخصية الزوجة سناء , واستطاعت بملامحها القاسية والطيبة فى الوقت ذاته نقل مشاعر الزوجة الرافضة لطريقة زوجها فى الحياة , والمتفهمةايضا لمعاناته واحلامه . وقدم غسان عباس شخصية جابر فى حدود الممكن , كذلك فعل الممثلون الذين جسدوا شخصية الاب والمدرسة وام ابراهيم . الى حد كبير كانت هذة الشخصيات هامشية وقدمت بسرعه من الظاهر دون الخوض فى اعماقها بشكل صحيح . ولم تستطع الكاميرا اقناعنا كثيرا بحركتها البطيئة فقد كان بقدرتها ان تقتنص لنا زوايا معبرة بشكل اكثر وظهرت فى اغلب المشاهد ساكنه وكانها ترغب فى فى تسجيل اللحظة بطريقة تلفزيونية . لكن رغم ذلك يمكن التوقف عند بعض محطات التميز مثل الموسيقى الوترية المعبرة التى صاحبت اغلب المشاهد والاضاءة التى رسمت بالظل والنور تنويعات تشكيلية ساهمت فى بناء لقطة متوترة وحزينة ومتفائلة فى الوقت ذاته ( مشهد النهاية ) .

وعلى رغم النجاح الذى حققه ( تذكرة الى القدس ) بغض النظر عن تواضعه الفنى . وعلى رغم النجاح الذى يحققه هذا النوع من السينما , يظل انتشار هذة الافلام مقتصرا على المهرجانات الدولية او العروض الخاصة . لكن لابد من الاشارة الى ان افلام الموجة الجديدة الاخيرة للسينما ( هكذا تبرر وجودها ) انما جاءت لتصور القضية من داخلها بعيدا عن كاميرا سياحية متحمسة , ترى القشرة وتغفل الجوهر كما انها تتواجد وتتوالد خارج حسابات المؤسسات الرسمية بعيدا عن الخطاب الرسمى الذى افرز الانقسام بعد سنوات طويلة من الصبر , اكثر مما افرز خطابا واضحا للتحرر . ولعل اخطر ماتواجهه هذة الافلام اعتمادها على التمويل الخارجى مع مايحملة من شروط مسيسة فى اغلب الاحيان .