Sunday, April 11, 2010




( نصف ميلغرام نيكوتين ) ..
منع فى دمشق وحصل على الجوائز فى ايطاليا .

كتب عماد النويرى
خلال العقدين الاخيرين فى الالفية الثانية , كان يمكن متابعة العديد من الافلام السورية التى تم انتاجها من خلال مؤسسة السينما السورية , واستطاعت ان تجذب الانتباه لتفردها وتميزها على مستوى الشكل والمضمون . ونذكر من هذة الافلام ( كومبارس ) نبيل المالح ) و( صعود المطر ) و( نسيم الروح ) لعبد اللطيف عبد الحميد و( اللجاة ) لريمون بطرس . ولاننسى بالطبع الافلام التى قدمها محمد ملص واسامة محمد وعمر اميرالاى وسمير ذكرى . وكان من الملاحظ ان اغلب المخرجين السابقين استطاعوا بنجاح ان يتغلبوا على الكثير من الظروف والعوائق التى واجهتهم سواء تلك الضغوط الرقابية او تلك الانتاجية . وهى ضغوط وعوائق تواجه اغلب السينمائيين فى بلاد العرب نظرا لعدم وجود مساحات كافية للتنفس الابداعى الذى يتطلب فى كل الاحوال كمية مناسبة من الاكسوجين الديمقراطى النقى . نجحت العديد من الافلام السورية فى المشاركة فى المهرجانلات العربية والعالمية بل حصدت الكثير من الجوائز ونذكر هنا ( الكومبارس ) و( صعود المطر ) . باعتبارهما من الافلام التى كسرت القوالب التقليدية فى الشكل السينمائى , وحاولت التغريد خارج منظومة القواعد( الارسطية ) التى كبلت ومازالت تكبل الانتاج السينمائى العربى بشكل عام . وازعم ان فيلم (نصف ميلغرام نيكوتين ) للمخرج محمد عبد العزيز الذى عرض منذ فترة قليلة فى ملتقى الثلاثاء , ينتمى ايضا الى سينما مختلفة , من حيث الشكل والمضمون . ويذكر ان الفيلم قد شارك فى مهرجان ( بارى) لسينما حوض البحر المتوسط ,وحصد اربع جوائز منها جائزتى الاخراج والتصوير . كما شارك فى الدورة الاخيرة لمهرجان دبى السينمائى . والغريب ان الفيلم لم يتم قبول مشاركته فى الدورة الاخيرة لمهرجان دمشق السينمائى .
فى ( نصف ميلغرام نيكوتين ) الذى تدور احداثه فى الزمن الحالى سنتعرف على طفل على ابواب الصبى يجد نفسه فجاة فى احضان غانية تحاول ان تجمل حياتها بعد ان ادركتها سنوات الغروب . وفجاة ايضا يموت الطفل الصبى فى حادثة سيارة وهو بعد لم يعش مرحلة الطفولة . وهناك ذلك الرجل الذى يحاول الانتحار تكفيرا عن قتله لابنته حتى يكيد للمراة التى خانته وهجرته . وسنتعرف ايضا الى ذلك الشاب المسيحى الذى يجب فتاة محجبة ترفض الى اخر لحظة ان تخلع الحجاب وتوافق فى النهاية ان يرسمها الحبيب وجهها لاولمرة وايضا لاخر مرة . اربع حكايات تتقاطع فى بناء سردى غير تقليدى ويلعب الرمز فى هذا البناء الدور الاكبر .
مثل تاركوفسكى , وفللينى , وانجلوبولس , وعبداللطيف عبد الحميد, ويوسف شاهين , وداود عبد السيد , يرى كاتب السيناريو المخرج محمد عبد العزيز ان السينما اداة للبحث والمعرفة فى كل القضايا التى تشغل الانسان , وهى اداة ذهنية للتامل تساعدنا على الكشف عن دواخلنا لنستطيع بطريقة اسهل التواصل مع الاخر . لان السينما دون الفنون الاخرى -خاصة تلك السينما الخالصة التى تمس الروح - قادرة على ان تفك الشفرة التى تقف كحجر عثرة امام التواصل الانسانى بشكل عام . ومن هنا نستطيع ان نقول ان فيلم ( نصف ميلغرام نيكوتين ) لايحكى فى واقع الامر , ولايقول , انما يقدم الصور التى تقودنا الى الذكريات , فى بناء سردى شاعرى يطمع فى جذب ارواحنا واهتمامنا , ربما تفتحت مسام وعينا وادراكنا فى نهاية المطاف .

الفيلم ( الفن ) يحتفى بالصورة بكل اركانها . ويقدم تشكيلية لقطة مكثفة ومعبرة وهنا اشارة الى القدرة على اللعب بالضوء والظلال بطريقة مبهرة ومؤثرة كما يمكن التوقف عند الديكور والملابس باعتبارهما من العناصر المهمة فى ابراز الحالة النفسية للشخصيات . وفى كثنايا كل لقطة يمكن متابعة الاهتمام الزائد بالتفاصيل الصغيرة الموحية الممتمثلة فى اختيار قطع اساس معينة تؤكد الزمان وتتحد مع المكان والشخوص .
.ورغم انها التجربةالاولى للمخرج فى عالم السينما فاننا سنجد الممثل يجسد الشخصية ويعيشها وهو فى افضل حالاته الابداعية . خالد تاجا، مي سكاف، عبد الفتاح مزين، وائل وهبة، جيني إسبر، مجد نعيم، ياسين بقوش.‏‏كل هؤلاء المثلنين لعبوا ادوارهم بحرفية عالية خاصة خالد تاجا فى دور الرجل القاتل لابنته ومى اسكاف فى دور الغانية والطفل زين حمدان فى دور ( البويجى )

ويبقى ان ( نصف ميلغرام نيكوتين ) هو واحد من الافلام السورية المميزة التى ظهرت خلال الفترة الاخيرة . وهو يمثل احد نتاجات القطاع الخاص فى سوريا وهى بادرة تبشر بوجود نفس جديد وتنوع مطلوب فى الواقع االسينمائى السورى .









No comments: