Saturday, December 29, 2007



الحصاد السينمائى الكويتى لعام 2007

تظاهرة للهواة واسبوع لتشارلى تشابلن وجوائز عربية وعالمية


عرض فيلم ( شرق ) وليلة سينمائية لعبد الرحمن المسلم


حبيب وبوشهرى يحصدان الجوائز ونقلة نوعية ل .. سينسكيب


فى شهر مايو 2007 وبفيلم ( رقصات زوجية ) تم افتتاح اسبوع السينما الاسترالية الذى اقيم بالتعاون مع السفارة الاسترالية فى الكويت والجمعية الكويتية للفنون التشكيلية , وقد عرضت خلال الاسبوع خمسة افلام روائية عرضت لاول مرة فى الكويت وهى ( قصاص الاثر ) و( الرجل من نهر الثلج ) و ( سور الارانب ) و( نيد كيلى ) اضافة الى فيلم الافتتاح । وقد عرضت الافلام فى صالة سينما الشعب । وفى شهر يونية 2007 اقيمت فعاليات تظاهرة أفلام الهواء والتى نظمها نادى الكويت للسينما تحت رعاية شركة السينما الكويتية واستمرت التظاهرة لمدة يومين عرض خلالها 24 فيلما للهواة بعضها شارك في مسابقة أفلام من الإمارات التى أقيمت في ابوظبى خلال شهر مارس هذا العام . وافتتحت التظاهرة بسينما حديقة الشعب بكلمة لعامر التميمى رئيس مجلس إدارة نادى الكويت للسينما إضافة الى كلمة ترحيبية من هشام الغانم المدير العام للبرامج والعروض لشركة السينما الكويتية ونائب رئيس مجلس ادارة نادى الكويت للسينما . واعقب العروض ندوة مفتوحة مع المخرجين لمناقشة أفلامهم . جدير بالذكر انها المرة الأولى التى ينظم فيها نادى الكويت للسينما تظاهرة للهواة بهذا الحجم كما ان شركة السينما الكويتية الوطنية ومن خلال هذه التظاهرة اكدت على دعمها لسينما الشباب والتى شهدت ازدهارا في الكويت خلال الفترة الأخيرة .
وفي الفترة من 21 الى 25 يوليو وضمن أنشطة مهرجان صيفي 2007 وبالتعاون مع نادى الكويت للسينما أقام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أسبوعا للفنان تشارلى تشابلن لمناسبة ذكرى مرور 30 عاما على وفاته , عرض من خلاله خمسة أفلام من افضل ما قدمه تشابلن للسينما العالمية وهى ( حمى الذهب ) و( ملك في نيويورك ) و( العصور الحديثة ) و( السيرك ) و( أضواء المدينة ) .
في كلمته الافتتاحية أكد بدر الرفاعى الآمين العام للمجلس على أهمية تشابلن قائلا( لا يزال تشارلى تشابلن صاحب التأثير الأكبر في المشاهدة السينمائية. فلم يستطع أحد أن يحتل موقعه كممثل ومخرج ومؤلف وموسيقي بارع، كما يذكر له دائما انه نجح في إيجاد لغة بسيطة للتواصل مع جمهور متعدد الاتجاهات والأذواق والثقافات . وخلال أفلامه لم ينس البسطاء، وبقي يقدم قصصهم وحكاياتهم عبر شخصية المتشرد الصعلوك التي تبناها ) . وفى كلمة لهشام الغانم مدير عام شركة السينما الكويتية الوطنية ونائب رئيس مجلس إدارة نادى الكويت للسينما كان هناك تأكيد على أهمية تشابلن كسينمائي وضع بصمة واضحة في عالم الكوميديا السينمائية المعاصرة . عن تشابلن ورحلته الفنية وعن شخصيته السينمائية الفذة كتب اكثر من الف كتاب ومقال ترجمت الى اكثر من 40 لغة ويقدر عدد مشاهدي كل فيلم من الأفلام التى قدمها بين العامين 1918 و1936 وهى من أفلامه الصامتة الطويلة بأكثر من 300 مليون شخص يضاف الى ذلك آلاف الملايين من الناس الذين شاهدوا أفلامه الأخرى قبل وبعد تلك الفترة .
وفى مارس 2007 فاز المخرج الكويتى عبداللة بوشهرى عن فيلمه ( فقدان احمد ) بجائزة افضل فيلم تسجيلى خليجى ضمن مسابقة افلام من الامارات التى اقيمت دورتها السادسة فى ابوظبى .
وقد واصل بوشهري تحقيق نجاحات مهمة من خلال فيلمه «فقدان أحمد»، من خلال حصوله على «جائزة أفضل فيلم تسجيلي» في مهرجان «المنبر الذهبي» في روسيا. وركز مهرجان «المنبر الذهبي» الذي أقيم في مدينة قازان خلال شهر سبتمبر في دورته الثالثة على «حوار الثقافات من خلال ثقافة الحوار» وذلك بمشاركة 46 دولة من بينها المكسيك واليابان والدانمرك والنرويج والبرازيل ودول أخري. أما المشاركات العربية فكانت من بينها مصر والبحرين والمملكة العربية السعودية والمغرب والجزائر والكويت. كما عرض الفيلم فى العديد من المهرجانات العالمية .
وفى شهر مايو 2007 حصل المخرج حبيب حسين على الجائزة الذهبية لافضل فيلم تسجيلى طويل من مهرجان القاهرة الدولى لافلام البيئة عن فيلمه ( المحميات الملاذ الاخير ) وفى شهر يونية كرم نادى الكويت للسينما المخرجين حبيب حسين وعبداللة بوشهرى وذلك لفوزهما بجوائز في مهرجانات ومسابقات عربية وعالمية . واعقب حفل التكريم الذى حضره عامر التميمى وبقية أعضاء مجلس إدارة النادى ورجال الصحافة والأعلام عرض فيلم ( المحميات .. الملاذ الاخير ) للمخرج حبيب حسين .
فعاليات ومشاركات
وفى اكتوبر 2007 قامت شركة السينما الكويتية بافتتاح مجمع دور العرض بمول ( افنيوز ) ويضم المجمع 11 صالة عرض منها صالة ( فى اى بى ) وبذلك ارتفع عدد دور العرض التى تملكها شركة السينما الى اكثر من 40 دارا للعرض وفى شهر اكتوبر ايضا وضمن فعاليات مهرجان الشرق الاوسط السينمائى الدولى الذى اقيم فى ابوظبى تم الاحتفال بمرور 35 عاما على فيلم خالد الصديق ( بس يابحر ) كما شارك المخرج عامر الزهير بفيلمه التسجيلى ( عندما تكلم الشعب ) الذى يتحدث عن الحقوق السياسية للمراة الكويتية .
وفي كتابه “السينما في الكويت” الصادر عن هيئة ابوظبي للثقافة والتراث على هامش فعاليات مهرجان الشرق الاوسط السينمائى, قدم الناقد السينمائي عماد النويري رؤية توثيقية ونقدية للسينما في الكويت معتمدا على عرض تاريخي لبدايات النشاط السينمائي حتى المحاولات التي جرت في الاعوام الثلاثة الاخيرة التي حاول من خلاها بعض المبدعين اعادة الحياة الى تلك السينما التي بدأت قوية لكن سرعان ما “تجمدت” قبل ان تتوقف تماما لمدة ثلاثة عقود. ويقدم النويري في كتابه شهادات لبعض رواد العمل السينمائي، ويتمحور الكتاب حول الواقع السينمائي الكويتي المتمثل في العديد من المحاولات الفردية والرسمية التي اسفرت عن سبعة أفلام روائية طويلة .
وفى شهر نوفمبر أقام نادي الكويت للسينما ليلة سينمائية تخليدا للمخرج الراحل عبدالرحمن المسلم حضرها حشد كبير من الفنانين والمثقفين والاعلاميين والمهتمين بالشأن السينمائي وعدد من اعضاء مجلس ادارة النادي تقدمهم نائب رئيس مجلس الادارة هشام الغانم ونجاح كرم وحبيب حسين।استهل الليلة المذيع عبدالرضا بن سالم مقدم الحفل بالترحيب بالحضور مضيفا ان المخرج الراحل كان قليل الظهور هادىء الطبع الا انه استطاع ان يبرهن على تميزه من خلال سلسلة من الاعمال التي قدمها।من جهته اكد هشام الغانم، نائب رئيس مجلس ادارة نادي الكويت للسينما، انه لم يعرف عبدالرحمن المسلم الا منذ فترة قصيرة وبالتحديد عام 2004 رغم انه كان يسمع من الاخرين عنه، مشيرا الى انه كان يتمنى بعد انتخاب مجلس ادارة النادي الحالي ان يقدمه في ندوة او لقاء ليقدم للجيل الجديد ما لديه من خبرة।وقال ان المسلم كان احد الرواد القلة للسينما في الكويت يعطي دائما دون ان ينظر الى اي امور اخرى من أجل أن يحذو الجميع حذوه.يملك رؤيةواشاد المخرج عامر الزهير في مداخلته برؤية المسلم السينمائية وقال لقد عرفته منذ سنوات طويلة في الولايات المتحدة الاميركية في السبعينات حين كان يدرس الهندسة الكيميائية واكتشفت انه يملك رؤية ادبية وقدرات غير عادية وكذلك يملك القرار الحاسم والدليل هو تضحيته بدراسته في الهندسة بعد عامين ونصف العام ويتجه لدراسة الفنون بعد ذلك، مشيرا الى انه تميز في الكتابة ولم يمهله القدر لمواصلة رحلة الابداع.يحب الاستماعوالقى الفنان عبدالعزيز المسلم كلمة بهذه المناسبة وطالب الفنان جاسم النبهان خلال الكلمة التي القاها بهذه المناسبة بضرورة دعم جيل الشباب وابراز ما يقدمه سواء في الصحافة الكويتية او على المستوى الرسمي من قبل المسؤولين.عرض في الامسية آخر مقابلة تلفزيونية للراحل عبدالرحمن المسلم وكذلك عرض فيلم الفخ الذي لعب بطولته غانم الصالح وجاسم النبهان.
وفى شهر ديسمبر عرضت شركة سينى ماجيك للانتاج الفني فيلمها الأول 'شرق' في سينما حديقة الشعب وسط حضور كثيف من الاعلاميين والمهتمين بالشأن السينمائي، الفيلم يلعب بطولته مجموعة من الشباب يظهر معظمهم لأول مرة أمام الكاميرا، بالاضافة الى الفنان مبارك سلطان وأحمد فرج، وهو من تأليف خالد الرفاعي واخراج عبدالعزيز الشرهان والأميركي مانوفل اليكس.تدور احداثه حول مجموعة من الشباب لديهم عشق غير عادي لكرة القدم يمارسونها في بر منطقة الجهراء ويفكرون بالذهاب الى داخل الديرة وبالتحديد في منطقة شرق، في الرحلة استطاع المخرج ان يبرز معالم الكويت جيدا سواء الشلالات الرملية والنحوتات الصخرية الطبيعية في الصحراء أو المناطق الشعبية في شعبيات الجهراء، وكذلك التطور العمراني الذي شهدته المدينة من مجمعات وأسواق وأبراج شاهقة، وكان منتج ومخرج الفيلم عبدالعزيز الشرهان قد عقد مؤتمرا صحفيا من قبل تحدث من خلاله عن فيلم 'شرق'. وقال انه يسعى من خلال فيلمه الى تسليط الضوء على التراث الكويتي من خلال كوكبة من المبدعين الشباب.وقال ان الكويت تملك طاقات فنية شابة لديها الكثير من الموهبة والحماس للعمل الفني، لكنها لم تستغل بشكل جيد، ومعظمها معطل، وقد جاء هذا الفيلم ليعكس قدرات الفنانين وميولهم الفنية، متمنيا ان يتم دعم هؤلاء من خلال اتاحة الفرص لهم ووضعهم في المكان المناسب.
وفى شهر ديسمبر الحالى دشنت شركة السينما الكويتية الوطنية وافتتحت رسميا أول شاشة عرض سينمائية في دولة الكويت والشر الأوسط بالنظام الرقمي ( ديجيتال Digital ) وجاء على لسان هشام فهد الغانم – المدير العام للبرامج والخدمات ان هذه الخطوة جاءت لتحقيق أحد أهم الأهداف المرسومة للشركة منذ أعوام لمواكبة التطور الهائل الحاصل عالميا لأجهزة العرض الرقمية " Digital " وقد تحقق هذا الإنجاز لمشروع مشترك بين شركة السينما الكويتية الوطنية و شركة سينماكانيكا الإيطالية " Cinemeccanica " لأجهزة العرض وشركة كيوب " Qube " لأنظمة العرض التابعة لشركة ريل إيمج " Real Image " والتي تمتلك شركة أنتل " Intel " العالمية 20% من حصتها ، وتعتبر هاتين الشركتين الأكبر والأشهر عالميًّا بالنسبة لمعدات العرض السينمائي وأنظمتها التشغيلية .
هذا ويعتبر هذا الإنجاز الأول من نوعه فى منطقة الشرق الاوسط ومن المتوقع ان يتم خلال السنوات الخمس القادمة تحديث كافة دور عرض سينسكيب بمثل هذه المعدات الرقمية واستبدال النظام القديم المعروف بـ 35مم تدريجيا .كما أكد الغانم بأن شركة السينما الكويتية الوطنية ستنقل هذه التكنولوجيا في أغلب مواقعها المستقبلية سواء داخل دولة الكويت وخارجها .
كما تم اختيار هشام فهد الغانم المدير العام للبرامج و الخدمات في شركة السينما الكويتية الوطنية كمتحدث أساسي في ندوة السينما الرقمية (الديجيتال) و مستقبلها في الشرق الأوسط و التي عقدت بتاريخ 2/12/2007 و ذلك على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الحادي و الثلاثون الذي بدا أعمالة خلال الفترة من 27/11/2007 و لغاية 7/12/2007 وقد وجهت له الدعوة من الدكتور/ عزت أبو عوف رئيس المهرجان .



Sunday, December 23, 2007





صندوق عجب ... فى نادى الكويت للسينما

يعرض نادى الكويت للسينما يوم الاربعاء الموافق 26 ديسمبر الفيلم التونسى " صندوق عجب " للمخرج رضا الباهى من بطولة هشام رستم وعبد اللطيف كشيش ومهدي الربيعي وماريان بسلار ولطفي بوشناق. ويروي الشريط قصة سينمائي في الأربعين من عمره كان يعيش في المهجر وعاد الى مسقط رأسه في القيروان ليستعيد ذكريات الطفولة وعشقه للسينما. يذكر ان الفيلم قد حاز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة لمهرجان قرطاج كما حاز على جائزة الصقر الذهبى من مهرجان الفيلم العربى فى روتردام , كما اختير للمشاركة الرسمية فى مهرجان فينسيا . وعرض فى العديد من المهرجانات العربية والعالمية .
المخرج التونسى رضا الباهى اخرج مجموعة من الاعمال المهمة مثل ( شمس الضباع ) و( الملائكة ) و( السنونو لاتموت فى القدس ) و( الذاكرة الموشومة ) .
يعرض الفيلم فى مقر نادى الكويت للسينما بالمدرسة القبلية الساعةالسابعة مساء ويعقب عرض الفيلم لقاء مع المخرج رضا الباهى

Sunday, December 16, 2007




حقيقة ( الملك فاروق ) والرؤية الإخراجية وفضائيات سوق الجمعة


كنت ومازلت من المعجبين بمسلسل ( الملك فاروق ) وكنت من الذين أشاروا الى أهمية المسلسل على مستوى الشكل وعلى مستوى الموضوع مع بدايات عرضه خلال شهر رمضان . واذا كان المسلسل قد نجح في تقديم صورة مختلفة من الدراميات التاريخية العربية تتميز بلغة بصرية مبهرة و معبرة لم تتعودها عين المشاهد العربي . فان أهم ما قدمه المسلسل هو حالة النقاش والجدل التى اثارها على مستوى البرامج الفضائية العربية مابين مؤيد ومعارض . مابين مؤيد للمسلسل على انه يظهر الصورة الحقيقية للملك فاروق ومعارض للعمل ككل باعتباره مجرد مؤامرة درامية مقصودة للدفاع عن ملك فاسد والدعوة للملكية باعتبارها هى افضل أشكال الحكم في الوقت الحالي . وحتى وقتنا هذا مازالت الفضائيات عامرة بالمحللين الدراميين الاستراتيجيين الذين ماانفكوا يهاجمون او يدافعون عن العمل . وفى زحمة النقاش الصحي و الصراخ العصبي نود ان نقول ان هناك عشرات الأعمال التى تناولت حتى الان بعض اشرار التاريخ مثل نابليون وهتلر وموسولينى .ولم تهدف ابدا لهدم عصور او تحسين صورة عصور اخرى . مسلسل ( الملك فاروق ) يجب ان يكون البداية وليس النهاية . البداية لتصوير تاريخنا القديم والمعاصر بعيدا عن تجارة رجال السياسة او ابتزاز كتاب التاريخ . الدراما التاريخية هى مجرد قراءة فنية وجدانية لاحداث التاريخ . التاريخ يحدد لنا متى واين ولد المغنى . والدراما تقول لنا كيف كان للغناء سحره , وكيف كان للمغنى ان يطرب فى ذاك الزمن . الدراما لاتقدم قراءة واحدة عما حدث , وانما تجتهد . وفى تصويرها لاتهدف ابدا الى قول الحقيقة .



----------------------------------------------------------
مرات كثيرة يتساءل المرء عن وجود رؤية اخراجية وراء العديد من البرامج التى تقدمها الفضائيات العربية . ومرات كثيرة يبحث المرء عن اجابات عن أسباب الخلطة اللونية في الصورة التلفزيونية الفضائية . مرات ومرات نرى وجة المذيع ابيض ويداة باللون الأحمر وشعره باللون الازرق وحواراته لالون لها ولاطعم ولا رائحة . يتخيل المشاهد أحيانا انه يشاهد احد أفلام الرعب . وبعض المشاهدين يعتقد ان مايراة امامه عبارة عن لوحات سريالية غرائبية لفضائيات تبث من كواكب بعيدة , وتنتمى الى مجرات تليفزيونية غير شمسية .

------------------------------------------


من الظلم تشبيه سوق الفضائيات العربية بسوق الجمعة لان سوق الجمعة تم تنظيمة وتحديد وتخصيص البسطات فيه . اما سوق الفضائيات العربية فحدث ولا حرج واصبح امتلاك فضائية من اسهل وارخص المشروعات الاستثمارية التى يسعى اليها رجال الأعمال ورجال الفضائيات . وفى سوق الفضائيات العربية انت لاتعرف ( راسك من بنكرياسك ) فبعض الفضائيات مازالت تبث الأفكار الاشتراكيةعلى ايقاعات الهجوم على الاستعمار والامبريالية . وبعض الفضائيات ( امبريالية ) تدعو الى حرية السوق وتتبنى الافكار الراسمالية . وبعض الفضائيات صورها تؤكد اننا نصف اشتراكيون ونصف راسماليون . وبعضالفضائيات تدعو الى 'تحجيب' المرأةِ وضرورة جلوسها فى البيت . وبعض الفضائيات تشجع المراة صراحة على الرقص والعري ولاباس من جلوسها تغنى فى الحمام او على السرير وهى بقميص النوم ( ابو حمالات ) واحيانا من غير حمالات .!! وبعض الفضائيات تدعوك صراحة الى الايمان بالمشعوذين والدجالين !! .
تم تنظيم سوق الجمعة ومطلوب تنظيم ( البسطات ) الفضائية . مع احترامنا للعولمة وحرية تداول المعلومات . وعلى كل فضائية ان تعلن عن هويتها بصراحة ووضوح .

عماد النويرى
imadnouwairy@hotmail.com






Wednesday, December 05, 2007




لمناسبة تكريمه فى مهرجان القاهرة

ملامح البطل فى سينما نور الشريف



فى عام 1967 كانت الانطلاقة السينمائية الأولى لنور الشريف من خلال فيلم ( قصر الشوق ) الذى جسد فيه دور كمال الابن الأكبر للسيد احمد عبد الجواد الشخصية المحورية في ثلاثية نجيب محفوظ ولم تنقطع علاقة نور الشريف بعالم محفوظ عند هذا الحد فبعد ان ظل يلعب دور الدنجوان لعدة سنوات بعد ( قصر الشوق ) نجح فى ان يثبت موهبته الفنية من خلال فيلم ( السراب ) عام 1970 وخلال سنوات السبعينات الأولى رسخ نور الشريف نفسه كاسم صاعد فى عالم فتيان الشاشة جنبا الى جنب أسماء اخرى مثل محمود ياسين وحسين فهمى وقدم خلال فترة السبعينات أفلاما مهمة مثل ( زوجتى والكلب ) 1971 و( الخوف) عام 1972 وهو نفس العام الذى قدم فيه شخصية كمال عبد الجواد مرة اخرى من خلال فيلم ( السكرية ) .
فى ( السراب ) لعب نور الشريف أول بطولة مطلقة حيث جسد شخصية كامل البطل الشاب الذى دللته امه كثيرا واستطاعت الام من شدة حبها وتدليلها ان تحوله – دون قصد – الى انسان بلا ارادة غير قاد ر على التصرف . وتصدم الزوجة فى ليلة زفافها فى رجوله كامل , ولكنها تكتشف بعد مضى الوقت انها ليست سوى حالة نفسية سببها الظروف غير الطبيعية التى مرت به . لكنه شيئا فشيئا يسترد ثقته فى نفسه وفى رجولته التى ظن انها ولت ولن تعود . فى الفيلم جسد نور الشريف الدور من خلال اداء صادق , ونجح باستخدام ادواته الداخلية والخارجية فى اظهار الانفعالات الصعبة , والأبعاد النفسية العميقة , والتقط نور الدور المميز بحسه الفنى وجاء الدور كنوع من التحدى , وكنوع من تنويع الأدوار , إضافة الى تقديم مشكلة شريحة موجودة فى المجتمع .
كان عام 1975 هو واحد من اغزر اعوام نورالشريف على الإطلاق وذلك من خلال قيامه ببطولة 12 فيلما من أهمها فيلم ( الكرنك ) من اخراج على بدر خان ومن بطولة نور الشريف وسعاد حسني وكمال الشناوي وفريد شوقي، والفيلم يمثل انتقادا حادا لثورة يوليو التي قبل ان تنهزم في عام 67، هزمت مثقفيها وكتابهاِ . الفيلم الذي ظهر منذ ما يقرب من 30 عاما اثار ضجة كبيرة آنذاك، وقد تناولت تلك الضجة النقد الصارخ الذي وجهه الكاتب نجيب محفوظ من خلال 'الكرنك' لثورة يوليو، وهو ما كان يجرؤ على فعل ذلك أثناء الثورةِ وكان ضمن ما أثير تلك الأيام عدد اللقطات التي منعتها الرقابة عن تخريب طلبة الجامعات وعلى رأسهم اسماعيل بطل الفيلمِ هذا عدا اللقطات التي تم حذفهالاغتصاب بطلة الفيلم سعاد حسنيِطبعا هناك أكثر من مدخل للاقتراب من 'الكرنك'، وإذا دخلنا من باب السياسة فسنجد ان الفيلم كان يمثل في حينه انقلابا على عبدالناصر وفترة حكمه، وكان له ان يمثل أيامها أكبر هجوم على انجازات ثورة 52،وما حققته من مكاسب وما ارتكبته من أخطاءِعموما من هاجموا الفيلم من الناصريين اعتبروا ان كل الثورات في بدايتها لجأت إلى الشرعية الثورية بدلا من الشرعية الدستورية، والشرعية الثورية لا تعرف القانون، وأي تجاوزات ترتكبها الثورات الوليدة تكون مبررة طالما ان الهدف الأساسي هو مصلحة الشعبِ . ورأى الناصريون ان 'الكرنك' بالغ كثيرا في مشاهد التعذيب وأظهر كل انجازات الثورة وهي متشحة بالسوادِ. الذين صفقوا للفيلم من منتقدي الثورة ومن 'الساداتيين' قالوا ان ما قدم في 'الكرنك' يعتبر وثيقة مهمة تدين بشكل قاطع تلك الجرائم التي ارتكبت أثناء الثورة، وأكدوا ان أي هزيمة عسكرية دائما ما تسبقها هزيمة المثقفين، وان ثورة يوليو أكلت أبناءها قبل ان يأكلها الأعداء والمتربصونِ . وأضاف الذين صفقوا للفيلم ان ما جاء في 'الكرنك' هو صورة مبسطة ولا تحتوي إلا على القليل مما كان يحدث بالفعل أثناء الثورةِ . الذين هاجموا الفيلم والذين صفقوا له دخلوا في سجال، كلما انتهى بدأ من جديد،وشحذ كل فريق أسلحته وتبريراته وحججه وبراهينه، وكان الفائز أيامها هو المشاهد الذي تعرف ربما للمرة الأولى على بعض ما كان يحدث أيام ثورته المجيدةِالمدخل الفني ل 'الكرنك' اعتنى بحديث النقاد عن العناصر الفنية للفيلم، وكانت هناك اشادة كبيرة بتمثيل سعاد حسني التي أبدعت في تجسيد دورها،وايضا اشادة باداء نور الشريف الذى جسد ببراعة الطالب المقهور المصدوم فى قناعاته على يد زبانية الثورة . وكانت هناك أيضا اشارات ايجابية لفريد شوقي وكمال الشناوي، كما تناولت الكتابات ملاءمة الديكور والإضاءة للتعبير عن أجواء الفيلم المكانية والزمانيةِ
وفى عام 1980 قدم نور الشريف فيلم ( ضربة شمس ) وغامر بتقديم محمد خان كمخرج جديد سيكون له شان بعد ذلك وغامر نور بماله الخاص فى سوق لايحتمل المغامرات وكانت بدايه دور سيلعبه نور فى مابعد كمنتج واع وشاب نظيف يحمل بعض القيم والمثاليات وبعض الطموحات الفنية التى لم يعد احد يجرؤ عليها . لقد كان مغزى خوض مجال الإنتاج هو ان يعمل نور مايحبه ويرتضيه ويتمناه وليكون قادرا على الاختيار اخيار ملامح البطل الذى سوف يكون بعيدا عن قوالب المنتجين واختيارات السوق التى لاتعبر فى اغلب الأحوال عن واقع الحياة .

و فى عام 1981 قدم نور الشريف فيلم ( أهل القمة ) عن قصة للكاتب نجيب محفوظ وسيناريو مصطفى محرم . و( آهل القمة ) هنا هم اللصوص الجدد الذين استفادوا من قوانين الانفتاح الاقتصادي وتحولوا الى فئة شديدة الثراء , باهرة الشكل , ترتدى احدث الثياب ., وتستخدم افخر السيارات وتتستر أحيانا وراء مظاهر التدين . والفيلم كما أراد نجيب محفوظ فى قصته يضع المواجهة بين ضابط شرطة شاب ( عزت العلايلى ) ونشال ( نور الشريف ) طالما تعقبه الضابط وقبض عليه وطالما أيضا استخدمه للإرشاد عن المسروقات . ويفاجأ الضابط ذات يوم باختفاء النشال من الوكر الذى تعود ان يجلس فيه مع زملائه من النشالين .. ويتساءل الضابط ماذا حدث ؟! وياتيه الرد من صاحب المقهى العجوز الذى اصبح وحيدا بعد ان هجره زبائنه من النشالين : ( انهم يعملون الان فى ضوء لانهار وتحت حماية الشرطة ) ويكتشف الضابط الحقيقة .. لقد تحول النشالون الى التهريب والتجارة فى المهربات واصبحوا جزءا من عصابة الرجل الكبير الذى يتمسح بالدين ( عمر الحريرى ) ويصف نجيب محفوظ هذة الماساة فى تلك العبارة : ( اصبح هؤلاء من الاغنياء اما الضابط واعوانه فيغوصون فى غمار الفقراء ) وتاتى الصدمة القاسية عندما يعرف الضابط ان ابنه شقيقته على علاقة عاطفية بهذا النشال والذى اصبح الان تاجرا كبيرا والمشكلة ان الابنة تصر عليه حتى بعد ان عرفت حقيقته . وهكذا يجد هذا الضابط نفسه داخل معركة مع جميع الاطراف . المعركة فى بيته .. وفى عمله حيث يحاول المهرب الكبير الافلات من قبضة القانون .. بل ويسعى لاستصدار قرار بنقل الضابط الى صعيد مصر عقابا له . وينتهى الفيلم .. بانتصار اهل القمة الجدد من اللصوص والمهربين والنشالين .ويمكن اعتبار ( اهل القمة ) وثيقة هامة تثبت انه فى مجال السينما مثل بقية مجالات الفن والفكر كان هناك من يقول الحقيقة حتى اذا كانت المتاعب من نصيبه . ان البطل زعتر النورى فى الفيلم بطموحاته واحلامه للتسلق واحتلال مكانة جديدة فى عالم جديد تتشكل ملامحة فى تلك الفترة كان تعبيرا عن شريحة كاملة من المجتمع تتهيا لاحتلال مكان الصدارة فى المجتمع .
وفى العام ذاته ( 1981 ) عرض فيلم ( الحب وحده لايكفى ) إخراج على عبد الخالق عن قصة احمد فريد وسيناريو وحوار مصطفى محرم حيث يتعرض الفيلم لشاب وفتاة يتخرجان من الجامعة ويصبح عليهما الانتظار لحين وصول خطابات القوى العاملة ويطول الانتظار وتضطر الفتاة ان تعمل فى محل كوافير وارتضى البطل ( نور الشريف ) ليعمل كعامل بناء . هكذا وضعا جانبا شهادتيهما الجامعية وكل أحلام العمل فى التخصص الذى درساه .. فى مقابل ان يجدا مبلغا من المال ليسدا احتياجاتهما اليومية وتلتحق الفتاة مرة اخرى كسكرتيرة فى احدى شركات الانفتاح ويلتحق خطيبها بنفس الشركة لكن سرعان مايكتشفا ان الشركة وهمية تقوم على النصب والاحتيال وتكتشف البطلة انها كسكرتيرة عليها ان تبيع جسدها مع الشقق التى تعرضها للبيع , ويكتشف البطل نور الشريف انه تورط فى عملية احتيال راح ضحيتها عشرات من العملا الذين اقنعهم بحلم السفر للعمل فى البلاد العربية باجور خيالية فذهبوا الى هناك ليفاجاْوا بان عقود العمل مزيفة .
الفيلم فى مجموعه يقدم مأساة شباب يواجه كل التحديات اللاأخلاقية والتى يفرضها أصحاب الدخول الطفيلية . فالعمل أحيانا محسوبية أحيانا ورطة يدفع ثمنها الشباب صغير السن .. ويفلت منها الكبار الدهاة الذين لا يتورعون عن فعل اى شىْ فى سبيل زيادة مكاسبهم . انها تنويعة على التيمة ذاتها تقدم البطل ذاته فى افلام الانفتاح بداية الثمانينات وتقدم الملامح التى بدات تتشكل لهذا البطل الذى يبدو انه على ابواب عصر مختلف وانه حتما سيجد نفسه فى اتون معركة شرسة لم تكن فى الحسبان . وهنا نذكر ان المجتمع المصرى كان قد شهد ومنذ نتصف السعينات تغيرا هائلا فى الاقتصاد القومى تحت اسم ( الانفتاح الاقتصادى ) وقد اثمر هذا الانفتاح من بين ما اثمر عن ظهور فئة جديدة فى المجتمع تعيش وتعمل وتكسب مكاسب خيالية من وراء الاستفادة من ثغرات هذا القانون الاقتصادى وانتشرت هذة الفئة فى اعمال السمسرة والتوكيلات ومكاتب الاستيراد والتوزيع ومكاتب التخليصات الممنتشرة بين الادارات الحكومية المختصة وبين العملاء . واتسعت رقعة هذة الفئة الجديدة لتشكل فى ما بعد طبقة خاصة من الاثرياء الذين اثروا ثراءا فاحشا بلا جهد حقيقى او نتيجة عمل انتاجى له قيمة ملموسة فى البنية الاساسية للصناعة فى هذا المجتمع واتبع ظهور هذة الطبقة الجديدة مجموعة من المتسلقين واصحاب الطموحات الخاصة تسعى للعمل فى مدارهم ولتحقق احلامهم بالثراء السريع وكان من نتيجه هذة المتغيرات الاجتماعية المفاجئة حدوث خلل وارتباك فى كثير من المفاهيم والقيم وبدات تظهر فى محيط الافراد تساؤلات تعكس مدى الصدمة التى يعانون منها .. تلك الصدمة التى جعلتهم يتشككون فى قيمة العمل الدوؤب وهل يحقق لهم هذا العمل الدؤوب قدرا من الامان الاقتصادى للمستقبل . لقد كانت سرعة المتغيرات الاجتماعية نتيجة الهزة الاقتصادية اقوى من قدرة البعض على التمعن والتفكير السليم فحدثت حالات الانهيار والسقوط والانحراف وكان نصيب الطبقة المتوسطة من تاثير هذة الهزة الاقتصادية اقوى واوضح باعتبار ان التركيب النفسى للطبقة المتوسطة يجنح دائما للحصول على مزيد من الضمانات المادية خوفا من الهبوط الى المستويات الادنى فى المعيشة . ويستطيع من يؤرخ للسينما المصرية ان يكتشف بسهولة ان بعض الافلام تناولت هذة القضية الاجتماعية كان صانعوها هم انفسهم من تجار الانفتاح والذين استغلوا الاقبال الجماهيرى على هذة النوعية من الافلام فوظفوا نقودهم فى صنع افلام تساير الموجة ولكن بلا وعى حقيقى وفى المقابل كانت هناك افلام حاولت ان تنبه وتحذر وان تقول كلمة جادة فى زمن كان من العسير فيه ان يرتفع الصوت بالاعتراض . ولكن شجاعة صانعى هذة الافلام وشجاعة ابطال هذة الافلام وشجاعة من جسدوا هؤلاء الابطال انهم دخلوا المنطقة المحظورة ونجحوا الى حد كبير ان يقولوا كلمتهم .

وفى فيلم ( العار ) عام 1982 لم تأت النهاية من خلال رجال الحكم آو القانون لقد جن الاخوة الثلاثة وسط علام من الماء والملح و عالم الطهارة الطبيعي حين التف حولهم الموت ولم يكن الا الموت خلاصا لخطايا ازدادت تفاقما عندما غاب الضميروغاب الحرص الخاص والعام على قدسية الوظيفة العامة سواء كانت قضائية أو وطنية . ان الضابط محمد فوزى فى فيلم ( أهل القمة ) لم ينحرف بوظيفته رغم كل الاغراءات عكس رجل النيابة فى ( العار ) الذى كانت نهايته على يديه عارا وادانة لبعض التغييرات التى شوهت البنية الأخلاقية لمجتمع الثمانينات ومثل رجل البوليس ذلك الأخ الطبيب الذى فقد توازنه العقلى واصبح فى حاجة الى طبيب نفسى حقيقى يستطيع معالجته . فى هذا الفيلم يبدو ان البطل كمال عبد التواب وكأنه تنويعة متقدمة من كمال عبد الجواد ( قصر الشوق ) ولكن بملامح عصرية تتلائم وحاله البطل المعاصر الذى بدا يفيق من رومانسية الستينات والسبعينات لينشب أظافره فى لحم من خدعوه ومن تكالبوا على اغتصاب براءته .
وفى ( حدوته مصرية )1982 , يذهب يوسف شاهين ابعد مما ذهب فى ( اسكندرية ليه ) فالفيلم الجديدهو أيضا فيلم اعترافات تقال للمرة الأولى على شاشة ناطقة بالعربية . والاعتراف فى صورته البسيطة قول مالايقال عادة بحكم التقاليد . فى ( حدوته مصرية ) يقول يوسف شاهين الكثير مما لايقال عن نفسه وعن عائلته فى محاولة صادقة للتعبير عن المجتمع المصرى بعد ثورة يوليو . وكما كانت السيرة الذاتية للدكتور طه حسين هى سيرة مجتمعه فى الزمن الذى عاش فيه . فان ( حدوته مصرية ) , وسيرة يوسف شاهين , هى رؤية لتاريخ الذى عاشه منذ بداية الأربعينات حتى منتصف الستينيات. ان الفيلم عبارة عن حلقة لمجتمع تختلف فيه الاتجاهات , وهو محاكمة لشخوص ينتمون اسريا الى واقع مصر فى مراحل مختلفة يتزامل فيها النمو الفكرى بالنمو الاجتماعى عبر متغيرات سياسية واجتماعية عدة . والى حد كبير اقتربت هذه المحاكمة من محاكمة ويلز فى رواية كافكا غير ان الاختلاف هنا يحدث من حيث دور التعرية الذاتية والموضوعية التى تبدا بالأسرة ثم الدولة ثم العالم .و كان بطل الفيلم يحيى يوظف نفسه كأداة لتعرية الواقع .
وفى عام 1983 عرض فيلم ( سواق الأتوبيس ) قصة محمد خان وسيناريو بشير الديك واخراج عاطف الطيب . ويقدم الفيلم رحلة الابن حسن سلطان ( نور الشريف ) لانقاذ ورشة الأخشاب التى يملكها الاب ( عماد حمدى ) , والتى تمثل له حياة الأب وكفاحه واصراره . ولكن لتراكم الديون هاهى الورشة الان معروضة للبيع فى المزاد العلنى لتسديد ديون الضرائب . وتبدا رحلة الابن الذى يعمل سائقا لاحد اتوبيسات النقل العام فى محاولة لاقناع اخوته البنات وازواجهن بالوقوف معه .ولكنه يفاجأ بردودهم السلبية رغم ان كلا منهم يعمل فى مشاريع الانفتاح , ويحقق مكاسب كبيرة . ولكن يبدو ان النقود قد غيرتهم فلم يعد احد يسعى الا وراء مصلحته الخاصة .. تمزقت الاوصال الحقيقية للاسرة .. ولم يبق غير الهيكل الاسمى فقط .. ابناء واقارب فى شهادات الميلاد فقط .. ويموت الاب على انقاض كل شىْ .. يموت بحسرته وكل الوجوة من حوله قد تحولت الى تماثيل من الشمع . فى الفيلم كانت هناك اشارة واضحة الى ازمة الشباب الذى خاض عدة حروب من اجل سلامة الوطن وحمايته من الاعداء .وعندما احتاج الى المساندة لم يجد من يسانده . لكن فى نهاية الفيلم كان هناك الشاطر حسن الذى عرفته حكايتنا الشعبية مهما كانت العواقب قاوم الخطر وطوح بزراع النشال فى فراغ وعمق المشهد وهو يضربه بعنف .
حسن سلطان البطل مازال يقاوم . فى ( سواق الأتوبيس ) الذى يتسم برحابة الرؤية ودقة تحليل الواقع يتابع عاطف الطيب رحلة الوعى عند بطله ويرصد الفيلم مراحل التغير والتحول من المراقبة والتأمل وحتى لحظة المواجهة والكشف عن تلك التغيرات التى حدثت فى بنية المجتمع المصري ى السبعينات وماصاحبها من اهتزاز لسلم القيم واستشراء للفساد وسيادة القيم المادية وطغيان الجشع والطمع بالإضافة الى شراسة الواقع الجديد الذى أدى الى انعدام الدفْ فى العلاقات العائلية والإنسانية . الورشة فى ( سواق الاتوبيس ) هى المرادف للحياة / الوطن ومعادل موضوعى للقيم النبيلة التى يدافع عنها حسن بطل الفيلم . وبطل الفيلم معادل لكل الأبطال الشرفاء الذين انتقلوا من تامل الواقع الى مواجهته مهما كان الثمن . ويمكن القول ان صناع ( سواق الأتوبيس ) قد استطاعوا ان يعبروا بصدق عن اللحظة التاريخية وان يضعوا ( على المستوى السينمائي ) لبنه قوية وأساسية فى صرح الواقعية الجديدة .
وفى ( الصعاليك ) عام 1985 ومن خلال متابعة اثنين من الصعاليك الى القمة تم تفنيد أكذوبة رجال الأعمال العصاميين وحاول الفيلم من خلال أبطاله الصعاليك ان يقدم تحليلا لاساليب الصعود غير المشروع بوعى فنى واجتماعى واقتصادى وسياسى .
وفى زمن ( حاتم زهران ) 1988 جسد نور الشريف شخصية الشاب الانتهازي الذى يهرب من أداء الخدمة العسكرية ويسافر الى اميركا وهو على النقيض من اخيه يحيى الشهم الوطنى الذى يستشهد فى حرب 73 . فى الفيلم كنت هناك صيحة مبطنة ثم صرخة عالية عن الوضاعة التى وصل اليها الانفتاحيون الجدد بمحاولة ضربهم لكل القيم الأصيلة بحثا عن الثروة والمجد .

وفى ( البحث عن سيد مرزوق ) عام 1991 خاض نور الشريف تجربة مختلفة وفريدة عندما تجاوز داود عبد السيد مؤلف ومخرج الفيلم حدود الواقعية الصارمة وقرر ان يقفز فوق التفاصيل والعلاقات المرتبطة بالواقع ليخلق عالما مختلفا يرتكز على معطيات الواقع لكنه يقوم على منطق خاص يمزج بين الحلم والواقع من دون تحديد لما بينهما من حدود حيث ان الواقع هنا مجرد جسر يعبر عليه الفنان لينفذ الى جوهره محققا نوعا من الواقعية الجسورة التى تقترب الى حد ما من السريالية . لماذا لانقول ان البحث عن سيد مرزوق كان فى واقع الامر نوع من البحث عن البطل المعاصر فى ظل متغيرات كثيرة تداخلت فيها المصالح وتشابكت الحدود واختلطت المفاهيم وضاعت المناهج والرؤى . بحسه الوطنى والقومى اختار نور الشريف ان يكون هناك مضيفا الى ملامح البطل ملمحا اخر يؤكد صعوبة السير فى طريق شائك بدات فيه العولمة تنشب مخالبها فى حياة الشعوب .

وفى عام 1992 جسد نورفى فيلم ( دماء عل الاسفلت ) شخصية الدكتور ثناء الذى يعمل فى احدى المنظمات الدولية وعندما يعود بعد غياب يفاجأ بان الانحلال قد أصاب اسرته وينتهى الفيلم بدماء ابنة باشكاتب وزارة العدل وهى تلطخ اسفلت الطريق لتدق بموتها المتوحش أجراس الخطر . لقد مثل ( دماء على الاسفلت افتتاحية لسينما التسعينات التى كانت تبدو غاضبة متمردة لاتبحث عن حق ضائع بل تغتصب ماتيسر من حقوق ويمكن القول ان الغضب كان هو السمة الأساسية فى سينما التسعينات ولكنه لم يكن ( شخط ونطر ) كما فى افلام البشاوات وانما كان من لحم ودم وجنس وقتل ومخدرات . . كانت هناك حالة انفلات فى العلاقات الانسانية والاجتماعية وكان ظهور الطفرات فى مابعد امرا طبيعيا . كان الغضب السينمائى اذن فى جزء منه رد فعل طبيعى على سلام لم يفعل فعله . بحركة الصواب التاريخى . يظل التاريخ يحاصر الانسان حتى يخرج منه او يذهب اليه لمواجهته مهما كانت الخسائر وكان نور الشريف قادرا رغم الاختيارات المحدود على الاختيار بوعى ليقول كلمته من خلال ابطاله .حتى لوادى ذلك الى المواجهة مهما كانت الخسائر .
وفى عام 1992 قدم نور الشريف فيلم ( ناجى العلى ) عن شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى صاحب الشخصية الشهيرة ( حنظلة ) وقد اثار الفيلم ضجة كبيرة. وفى واقع الامر لم يكن الفيلم عن ناجى العلى فقط ولكن كان يرسم صورة للوطن العربى الكبير بداية من النكبة عام 1948 . لقد أضاف ناجى العلى الى تاريخ الشخصيات التى تمثل علامة بحد ذاتها شخصية جديدة هى حنظلة الذى يقف على قدم المساواة مع شخصية المواطن الصغير التى خلقها شارلى شابلن وغير ذلك من الشخصيات التى اصبحت تجسد بحد ذاتها نموذجا دالا وعاما . لقد ولد حنظلة من رحم الطفولة الجائعة والمطاردة , وقضى اغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها . كان متبرما لايثق فى احد ولا يحول قلبه عن فلسطين . فى ( ناجى العلى ) قدم نور الشريف تنويعة جديدة لملامح البطل الذى يحمل فى قلبه الهم العربى ويرغب فى تجاوز الواقع المهزوم ويحلم بالوطن الذى لايدوس اقدامه الغرباء

وفى عام 1996 قدم نور الشريف ( ليلة ساخنة ) ومع عاطف الطيب قاما باستخراج احشاء القاهرة فى ليلة راس السنة واشار البطل الى امراض المدينه وتوحشها وكان الفيلم بمثابة تقرير بصرى شديد السخونة عن افتقاد الدفْ وتتنامى تجارة التعصب والتشدد وغياب الوعى والانغماس فى الملذات الصغيرة . كان ليلة ساخنة تنويعه جديدة على ( سواق الأتوبيس ) لكن من خلال سائق تاكسى هذه المرة يستكشف ويكشف عن قاهرة التسعينات الشرسة التى لاترحم مواطنيها المفعمة بالحب الذابل والكراهية البغيضة المحتشدة بالأوغاد والسفلة بالغلابة والمقهورين المزدحمة بالجلادين والضحايا .
كل عمل فنى فى العالم , وفى تاريخ كل الفنون هو تعبير عن ذات الفنان الذى يصنعه , يستوى فى هذا الفنان الذى يعبر عن قضايا المجتمع اليومية , مع الفنان الذى يعبر عن اكثر الأفكار التجريدية . بل ان الفن يكون أصيلا بقدر مايكون ذاتيا . والفنان نور الشريف مثل كل الفنانين الكبار كان دائما وعبر 169 فيلما غالبا مايعبر عن ذاته والى حد كبير كانت ملامح البطل تتشكل فى سينما نور الشريف عبر التنوع والاختيارات . آلي حد كبير حاول نور الشريف دائما آن يعبر عن نفسه من خلال هذا الفن المحاصر بقوانين السوق التجارية من ناحية وقوانين الرقابة من ناحية اخرى فنجح أحيانا ولم يوفق أحيانا مثله في ذلك مثل عشرات الفنانين العاملين في السينما في مصر وفى العالم كله وهم قله نادرة وسط كثرة طاغية من الفنانين الحرفيين الذين يقدمون الأفلام بقوانين السوق وبقوانين الرقابة . وعندما نقول حاول ان يعبر عن نفسه لانقصد التعبير عن عالمه الداخلى فقط . بل وعن علاقته بالعالم والحياة والمجتمع من حوله أيضا . وكما لاينفصل الشكل عن المضمون , لاينفصل التعبير الذاتى عن التعبير الاجتماعي . فى هذة الدراسة الموجزة لم نمر على كل الافلام التى قدمها نور الشريف وانما كاننت مجرد اطلالة اردنا ان نصل من خلالها الى ان ايه مراجعة فنية لسينما نور الشريف واى مرور على ملامح البطل الذى قدمه فى افلامه التى تقارب ال 170 فيلما , انما هى مراجعةايضا للتاريخ الاجتماعى والسياسى والاقتصادى للمجتمع المصرى خلال اربعة عقود . وهى فى جزء كبير منها مراجعة ايضا للتاريخ السياسى والاجتماعى للحياة العربية بشكل عام .

المادة فصل من كتاب ( نور الشريف الانسان والفنان ) بقلم عماد النويرى


2006 كلام الصورة تكريم نور الشريف فى الكويت اثناء ورشة التمثيل عام



مصادر :

- اتجاهات السينما المصرية – الكاتب على ابوشادى
- سينما التحولات – الكاتب احمد جمعة
- نور الشريف ومشوار فى طريق الفن والفكر والسياسة – الكاتب دسوقى سعيد
- عالم السينما والنجوم – الكاتب محمد الصاوى
- الانسان المصرى على الشاشة – تقديم هاشم النحاس
- اضواء على سينما يوسف شاهين – سمير فريد
- اوراق سينمائية – جماعة الفن السابع – الاسكندرية

Tuesday, December 04, 2007


وطن االشجاعة من فيتنام الى العراق وصور الحرب المؤلمة
البحث عن جماليات ودور كبير فى تشكيل الذاكرة
مقدمة مثيرة ونقطة تحول وتجارب واعدة



الحرب في العراق ومايحدث للجنود الأميركيين بسبب هذه الحرب وتأثيرات هذه الحرب على الجندي الانسان وكل من حوله عندما يعود الى ارض الوطن هو موضوع فيلم ( وطن الشجاعة ) من بطولة صامويل جاكسون وجيسكا بييل ومن اخراج اروين وينكلر . وتدور الأحداث لتصور حكايات بعض الجنود الأمريكيين بعد عودتهم الى الديار ومع العودة تتنوع القصص ونشاهد الجراح الذي عالج الكثير من الإصابات الخطرة أثناء الحرب ، والأم التي تعمل مدرسة حيث فقدت ذراعها أثناء إطلاق النار ، والمقاتل الذي فقد اعز أصحابه في المعارك، والمجند الذي يقتل امرأة عن غير قصد. ويجد العائدون انهم فى مواجهة واقع جديد تتغير فيه المفاهيم والعلاقات . لقد كانت الحرب تجربة سيئة وغير إنسانية لذلك فانهم غاضبون وبداخلهم احساس كبير بالمهانة . وفى لحظات مواجهة النفس كان لابد من الخوض في دائرة الأسئلة الصعبة عن الحرب ومشروعيتها وجدواها .

تعتيم
وضمن الأفلام التى عرضت في مهرجان الشرق الأوسط في ابوظبى كان لنا ان نشاهد ( 'صور مطموسة) من بطولة ايزي دياز ودانيل شيرمان ومن اخراج بريان دي بالما وقصة الفيلم تدور أيضا حول بعض ما يحدث في العراق، وقد صورها المخرج بكاميرات الديجتال في شكل فني يحاكي السينما التسجيلية، حيث يعيد سرد وقائع تعرف عليها من خلال الانترنت وتتجاهلها السلطات الاميركيةوتعتم عليها كل وسائل الأعلام. والحادثة الاساسية في الفيلم هي قيام جنديين اميركيين في يوليو 2006 باقتحام منزل اسرة عراقية في سامراء، وقتل الام والجد والابنة بعد اغتصابها، مستغلين غياب الأب. عن الفيلم قال دي بالما انه محاولة لتعريف الجمهور العريض بحقيقة ما يحدث في العراق، واضاف :( في فيتنام كانت هناك مذابح، ولكن لم يكن ذلك عاديا ويحدث يوميا مثلما يحدث الآن في العراق، واميركا كانت تعلم، ورغم أن الافلام التي انتجت عن فيتنام كانت بعد الحرب فان الصحافة كانت حرة وتحكي الحقيقة، وكان هناك حركة قوية للرأي العام. يستخدم ( صور مطموسة ) الشكل التسجيلي من خلال مجموعة متنوعة من مواد مصادر المعلومات، منها مشاهد من اشرطة المراقبة، وشهادات متوافرة على الانترنت ومواد اخبارية ، وكان دي بالما قد تناول حادثة مشابهة حدثت في فيتنام في فيلمه 'ضحايا الحرب' عام ،1989 ولكنه ينتقد ان ما كان يعرفه الاميركيون عن فيتنام كان أكثر بكثير لوجود مجلات صور مثل 'لايف' التي أثرت على الرأي العام الاميركي، أما الآن فإن القائمين على حرب العراق ومعظمهم ممن شهدوا حرب فيتنام قد تعلموا درسا واحدا وهو عمل تعتيم اعلامي للتحكم في الرأي العام. ونختلف مع مايطرحه بالما لان وسائل التعبير والايضاح تفوق بمراحل كثيرة تلك التى كانت موجودة فى الامس القريب .


ومع حلول الذكرى السابعة لهجمات 11 سبتمبر عرضت العديد من صالات السينما بالولايات المتحدة فيلم "في وادي إيلا" وكان لنا ان نشاهدة ايضا فى ختام مهرجان الشرق الاوسط . والفيلم يروي قصة مقتل جندي أميركي عاد من العراق.وقد حمل الفيلم توقيع المخرج الكندي بول هاغيس الحائز على جائزتي أوسكار عن فيلم ( كراش ) عام 2006.وهناك أيضا فيلم يبرز مأساة الحرب على العراق بعنوان (وفاة غريس) الذي قوبل بترحاب منقطع النظير بمهرجان ساندانس.
ونذكر ايضا ( اسود مقابل حملان ) الذى يعرض الان على شاشات الكويت وتصور احداثه تنويعةربما سادسة اوسابعة لموضوع الحرب فى العراق , والفيلم من بطولة توم كروز وميريل ستريب .

مواجهة

الشاشة الكبيرة بالطبع لها دور كبير ومهم ومؤثر في تشكيل الذاكرة و المخيلة , خصوصاً فيما يتعلق بتجارب الحروب التي خاضها الإنسان في القرن الأخير في بقاع مختلفة من العالم. و. قد تاثرت السينما بالحروب وحاولت رصدها و تأريخها. و كان على صناع الأفلام أن يطوروا دائماً لغة سينمائية قادرة على معالجة التجربة و تجاوز اللغة البصرية السائدة في التعامل مع الحروب، خصوصاً تلك التي تنتجها وسائل الإعلام التي تخضع بطرق و درجات مختلفة للرقابة السياسية من قبل صناع الحروب أنفسهم.‏ و لكن هل يمكن القول إن السينما اليوم تواجه وضعاً جديداً لم تعرفه من قبل في علاقتها الطويلة مع تجارب الحروب الكبرى؟ لقد واجه هذا الفن حالة الحرب في العراق منذ أكثر من أربع سنوات ليكتشف أنه يعيش تجربة جديدة في عصر اختلفت فيه علاقة الناس مع المعلومات بشكل عام، و مع الصورة بشكل خاص. و هناك اعتقاد سائد حالياً في أوساط صناع الأفلام أن هناك حاجة جديدة للغة سينمائية تستطيع التعبير عن تناقضات عصر أصبحت فيه الصورة التي تنقل مباشرة من جبهات الحروب جزءاً من حياة الإنسان اليومية بكل فعالياتها و فضاءاتها فالاجيال الشابة التي لم تعش تجربة حرب فييتنام تبدو محكومة في فهمها للحرب بذاكرة السينما و ما أنتجته من صور و أيقونات و أصوات في أفلام تحولت إلى أفق في المخيلة الجمعية حول هذه الحرب. أفلام عديدة مثل ( الرؤية الان ) و ( صائد الغزلان ) و( العودة الى الوطن ) . و في أفلام أخرى أقل جدية من حيث جمالياتها السينمائية و أكثر حضوراً من حيث طبيعتها التجارية لا تغيب صورة الحرب السينمائية التي صنعت مخيلة الأجيال الشابة حول تجربة فييتنام المريرة. ربما كانت هناك بعض الأسباب التي تدفع إلى مقارنة المعالجة السينمائية لحرب فييتنام مع معالجة ما ظهر من أفلام خلال السنوات الأربع الماضية للحرب الأمريكية على العراق.‏

مقارنة
ويرى راين غيلبى الناقد السينمائى البريطانى فى مجلة نيو ستاتمنت ونرى معه إن المقارنة ضرورية من وجهة نظر تقنية، لكن الفوارق كبيرة و شاسعة بين التجربة السينمائية في كل من الحالتين. إن مقاربة السينما العالمية للمأساة العراقية منذ بدء الحرب الأخيرة مرت بمراحل متعددة بدأت بإنجازات وثائقية متواضعة إنتاجياً ثم وصلت أخيراً إلى استوديوهات هوليود الكبرى. و في نظرة عامة إلى ما قدمه الفن السينمائي في إنتاج معرفة مغايرة للحرب الأمريكية على العراق نرى أن هناك تغيراً نوعياً في علاقة الفيلم بالواقع. ففي أيام حرب فيتنام كان من الصعب بالنسبة للمشاهد المهتم العثور على فيلم يتناول موضوع الحرب كحدث معاصر بلغة مغايرة للإعلام السائد الذي كانت تحكمه رقابة سياسية مشددة. و في أحسن الأحوال كانت بعض الأفلام تستخدم صوراً تقارن علاقة الولايات المتحدة المعاصرة مع العالم بصراعات ماضية مثل الحرب الكورية أو الإبادة الجماعية للهنود الحمر كما في فيلم "الجندي الازرق". أما في حالة الحرب على العراق، فإن الجمهور المعاصر يعيش في فضاء عامر بالصور و الأصوات الحية عن تلك الحرب. إن ثورة الاتصالات الرقمية قد وفرت أيضاً إمكانية كبيرة لتجاوز سلطة الرقابة السياسية التقليدية ، و وفرت أيضاً إمكانية لتجاوز سلطة الرقابة الثقافية و الذاتية التي تفرضها حدود الاختلاف بين المجتمعات و الثقافات. و هكذا وجدت السينما نفسها في واقع يحتم البحث عن جماليات و لغة جديدة يمكن لها أن تقنع المشاهد بدفع ثمن التذكرة بحثاً عن شيء جديد لم يجده على شبكة الإنترنت التي تضج بأصداء الفاجعة العراقية. كانت بداية هذه المغامرة السينمائية الجديدة في مجاهل الفاجعة العراقية بطيئة مع أفلام مثل "شظايا العراق" و الإنتاج الهوليودي المشوق "مملكة و استسلام". ثم تتالت أفلام عديدة. كما ذكرنا .و هناك نماذج أخرى عديدة من الأفلام التي تصدت إلى المغامرة الكبيرة في إنتاج صورة فنية عميقة للمأساة العراقية. بعض هذه الأفلام لم يقارب موضوع الحرب كمادة مباشرة، بل حاول رصد الآثار العميقة و الطويلة المدى على الواقع الإنساني الكوني بشكل عام، و على المخيلة الأمريكية بشكل خاص. و يتميز فيلم المخرج روبرت ريدفورد كنموذج على هذا الاتجاه. أما في الجانب الوثائقي فكانت هناك أفلام متميزة و هامة جداً نذكر منها: (لا نهاية في الرؤية) الذي يفضح الأداء الرديء للسياسة الأمريكية في مرحلة ما بعد احتلال العراق، و فيلم "جبهة من أجل الحديثة" للمخرج نايك برومفيلد و هو عبارة عن إعادة بناء لقصة المذبحة التي نفذها الجنود الأمريكيون بحق أربعة و عشرين من المدنيين العراقيين. لأجيال قادمة.
قال بعض قدامى المحاربين في القوات المسلحة الأميركية والخبراء العسكريين إنهم يشعرون بخيبة أمل نتيجة الأمور السيئة التي سجلتها عائدات شبابيك التذاكر للأفلام المبينة على سيناريوهات الحرب على العراق.
وذكرت صحيفة «سان فرانسيسكو» كرونيكل أنه على الرغم من مشاركة نجوم الصف الأول في هوليوود والآراء الجيدة للنقاد في غالبية الأحيان، فإن الأفلام الحربية مثل «أسود لحملان» و«في وادي ايلا» لا تستقطب محبي الأفلام السينمائية.وقال الرقيب أول في الحرس الوطني الأميركي جبار ماغرودر الذي خدم لمدة 11 شهراً في العراق «اعتقدت أنه مع هذا الحشد من النجوم، فإن جزءاً من أميركا على الأقل سيتوجه لمشاهدة الأفلام».
بالطبع كل هذه التجارب السينمائية هامة و تبدو للكثيرين واعدة، لكنها قليلة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الحرب بدأت منذ أربع سنوات و أنها تركت آثاراً عميقة و هائلة في الواقع العالمي و في حياة الناس في كل مكان. لقد كانت نقطة التحول بالنسبة للصناعة السينمائية التي كانت تتبنى شعار "لا تذكر الحرب" هو ما فعله مايكل مور في احتفالية توزيع جوائز الأوسكار عام 2003. لقد كان خطاب مايكل مور الجريء في تلك الاحتفالية مقدمة مثيرة سينمائياً لمرحلة التخلي عن شعار "لا تذكر الحرب»: و بداية من هذه النقطة وجدت الصناعة السينمائية نفسها متحررة مما قيدها لبعض الوقت في اكتشاف أن الحرب على العراق مادة سينمائية غنية يمكن من خلالها كتابة تاريخ الذاكرة الإنسانية التي ستشغلها هذه الحرب

عماد النويرى