Saturday, August 28, 2010


ماريا العب ॥ وزر الطربوش !!


عماد النويرى



فى زمن مضى كان اقصى ما يفعله المطرب الطربوش عندما تاتيه حالة السلطنة والتجلى والانتشاء ,هو ان يحرك 'زر' طربوشه من الخلف الى الامام ثم يتحسس بحب الوردة الحمراء التى تتدلى بدلال من عروة الجاكتة , ثم ويضرب بالمنشة التى يمسك بها فى يده الهواء , فى اهتزازات متعاقبة , كنوع من الفخر والاعتزاز . وكان اقصى ما يفعله الجمهور للتعبير عن السرور والرضا هو تحسس ربطة العنق للتأكد من انها في الوضع الصحيحِ . اما المطربة السلطانية ( نسبة الى ديوان الغناء السلطانى ) فقد كان اقصى ما تفعله للتعبير عن انفعالها , هو ترتيب خصلة الشعر المتدلية على جبهتها , أواعتصار المنديل الذي تمسكه في يدها وهى تذوب فى نشوة اللحن والكلمات .

وانتهى عصر المطرب الطربوش لنصل الى زمن المغنى ( الراقصة ) .

في عصر المغنى 'الراقصة' اختلف الوضع، فقد كسر جورج وسوف المحظورات والتعقيدات وودع ( الطرابيش ) والمناديل , المبللة بالعرق , واحيانا الدموع , واخترع الغناء بالملابس الداخلية عندما ظهر في اغنية فيديو كليب وهو يرتدي 'الفانلة'ِ. طبعا كانت ثورة فى عالم الغناء المرئى اعقبها ظهور جيل من المغنيين والمغنيات ساروا على درب(وسوف)وقاموا بالغناء بالشورتات والملابس الرياضية . وانتقل الغناء من خشبات المسارح الى غرف النوم والشواطىْ والحمامات .

ايام المطرب الطربوش كان يمكن التعرف على اسماء للمطربين نشعر انها اسماء حقيقية تنتمى الى هذا البلد اوذاك, تحمل خصوصية التاريخ والجغرافيا ومخلوطة بتراب الوطن . فهناك ناظم الغزالى , و سيد درويش , ومحمد عبد الوهاب, وام كلثوم ووديع الصافى , وفريدالاطرش , وصباح , وفايزة احمد , وعبد الوهاب الدوكالى ,وعوض الدوخى , ومحمد عبدة , وطلال مداح .

اما في عصر المغنى 'الراقصة' فانت لاتعرف لاسماء الكثير من المغنين والمغنيات اى طعم او لون او رائحة . فهناك جينا , ومايا ,وروجينا , وانوشكا وربما قريبا ( هموشكا ) ورفيف وابو ليف . وماريا العب! وسعد الصغير! هذا مع احترامنا لكل الاسماء والمواهب .

طبعا نحن مثل الاجيال الجديدة نؤمن تماما بان ايقاع العصر قد تغير , وان الزمن غيرالزمن، وكما توجد ميشلين والين ونادين , هناك فيروز وماجدة الرومي , ومحمد ثروت , وعلي الحجار , وهاني شاكر، وعبدالله رويشيد، وكما يوجد الشاب خالد والشاب مامي، يوجد على الحجار وعلي عبدالستار وعبدالمجيد عبدالله.

يبدو اذن ان المساهم الاكبر في ايجاد ظاهرة المغنى 'الراقصة' هي الفضائيات التي 'همشت'حنجرة المطربة لصالح جسدهِا, (اذا كانت اصلا تملك اية حنجرة) وكانت النتيجة هى ان الاغنية الفضائية 'الكليباتية' فقدت كل الاصول , وضيعت كل المعاني، فمهما كان كلام الاغنية , ومهما كانت الاحزان والاشجان فأنت تجد الرقص على طول الطريقِ , واذا كانت الطرقات مسدوده , فلامانع ان تقوم المغنية بالرقص على الحيطان , و التمرغ فى تراب الوديان .

واذا كان التعليق هو ان الناس يحبون 'الرقص' ويريدون الفرح ويعجبهم كثيرا ماريا العب اكثر من محمد عبد الوهاب '، فاسمحوا لنا ان نترحم على ايام المطرب 'الطربوش' الذي لم يكن يجيد سوى الغناء من حنجرة قوية معبرة . لا تتخفى وراء مؤثرات صوتية أو اجساد عاريةِ.

طبعا نحن مؤمنون بالتغير كسنة للحياة . ونحن نحترم كل الازواق . لكن اسمحوا لنا ان نؤكد , مع احترامنا لجهود المغنى الراقصة ,او ايه مغنية لعوب , انه فى زمن المطرب الطربوش, كنا على يقين ان الصوت ياتى من الحنجرة, وليس من اى مكان اخر !! .


No comments: