Sunday, February 07, 2010




نادي السينما قدم عرضاً خاصاً لعمل عميق ومبدع
07/02/2010
"السلاحف تطير أحياناً"... ابتسامة دامعة و صفعة إيرانية للأفلام العربية

كتب - بندر سليمان:

ليست المرة الاولى التي اشاهد فيها فيلماً ايرانيا ولن تكون بالتأكيد الاخيرة, كما انها ليست المرة الاولى التي يمتدح فيها احدهم السينما الاتية من الضفة المقابلة للخليج العربي, والحافلة بالعمق, والبعد الانساني الذي يميز الافلام الايرانية, ويجعلها الافضل في هذا المجال في حدود منطقة الشرق الاوسط على الاقل।وعندما تشاهد فيلماً ايرانيا تقول لا عزاء للسينما العربية التي تغوص في وحل من السطحية والتفاهة وفراغ المضمون.ويأتي فيلم المخرج الايراني بهمن قبادي »السلاحف تطير احيانا« ليؤكد على روعة المشهد السينمائي الايراني, ومدى الوعي بهموم وآلام المجتمعات التي يحيا فيها هؤلاء المخرجون.الفيلم انتج عام الفين وستة ونال ست عشرة جائزة من مهرجانات عالمية مختلفة, عرضته ديوانية نادي الكويت للسينما لروادها, كنموذج لمدى التميز والابداع الذي تعيشه السينما الايرانية.الفيلم الحائز على جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان »كان« السينمائي وعلى جوائز اخرى من مهرجانات عالمية مهمة مثل برلين وسان سبستيان, وروتردام وساوباولو ومكسيكو, تدور احداثه في احدى قرى اللاجئين الاكراد على الحدود التركية العراقية الايرانية, وذلك قبيل اندلاع حرب تحرير العراق ونهاية النظام الصدامي القائم انذاك.والمخرج الايراني بهمن قبادي من مواليد احدى القرى الايرانية القريبة من مناطق الاكراد, وملم بحيثيات الحياة هناك, لذا اختار موضوعاً قريباً منه ليتناوله بصورة انسانية مؤثرة جداً.في الفيلم يرصد قبادي قصة مجموعة من الاطفال يعيشون في القرية وسط ظروف انسانية واجتماعية غاية في الصعوبة, وبعض هؤلاء الاطفال اما مشردون او أيتام فقدوا ذويهم في الحرب ضد قوات النظام في العراق, والكثير منهم شوهتهم الحرب وأفقدتهم الكثير من اعضائهم كالأرجل والايدي بسبب الالغام.هؤلاء الاطفال يتزعمهم طفل يلقب بستلايت, يمثل رمزاً لهم ويحرص على امورهم وعملهم ورزقهم, ويتمتع ستلايت بأفضلية المعرفة في تركيب الستلايت وبرمجة القنوات الفضائية على بقية سكان القرية الجهلة غير المتعلمين, لذا يتعامل ستلايت مع الوضع على انه زعيم وشخصية مهمة للجميع, ولكنه في الوقت نفسه يتمتع بقلب طيب وكبير.من خلال سيرة الاطفال ممن يعملون في نزع الالغام وبيعها للامم المتحدة ولتجار الحروب, يقدم المخرج قبادي بعداً انسانياً للقضية الكردية تعجز عشرات الصحف والمحطات الفضائية عن تقديمه ويجسد الفيلم المؤشر الذي يمزج بين الدمعة والبسمة والحرفية الاخراجية العالية خير نموذج لدور الفن السابع في توثيق مأساة وقضية شعب.يقدم قبادي سيناريو متيناً ومتماسكاً, ورؤية اخراجية ذات ابعاد مهمة ومؤثرة, كما نجح في تحويل مجموعة من الأطفال المشردين والرجال القرويين الى ممثلين رائعين يبهرون المشاهد بأداء تمثيلي متقدم اقرب الى الواقعية منه الى التمثيل, لدرجة تظن في احيان كثيرة ان هؤلاء الاشخاص يتم تصويرهم دون علم منهم, لأنهم يتعاملون مع الكاميرا بشكل احترافي مذهل.احداث الفيلم تدور قبيل اندلاع حرب تحرير العراق, وتقدم نماذج انسانية مؤثرة جداً, تجعلك تتعاطف لا ارادياً مع القضية التي يحمل العمل همها نظراً للحرفية العالية التي يقدم بها قبادي فيلمه الذي ينتهي مع نهاية حرب تحرير العراق وسقوط صدام وسلطته التي احالت الشعب الكردي والعراقي اجمع الى ركام انساني محطم, وغارق في الآلام والعاهات والمواجع والفقر, وحتى الحلم الاميركي بعراق نموذجي وعد به الاميركيون في منشوراتهم التي كانوا يلقون بها على اهل القرى الكردية, لم تكن لتتحول الى واقع وهذا ما رمز اليه المشهد الاخير من الفيلم, حيث يقف ستلايت وصديقه بأقدام عوقتها الالغام يتفرجان على رتل عسكري اميركي دخل قريتهما ثم ما يلبثان ان يعطيا هذا الرتل ظهريهما تعبيراً عن عدم الاكتراث به.
سابقة الغياب
روعة وجمال الفيلم الايراني »السلاحف تطير احيانا«, وذكاء ديوانية نادي الكويت للسينما في اختياره كنموذج للفن السابع الايراني لم يشوهه سوى غياب اعضاء مجلس ادارة النادي عن التواجد في العرض, ولولا حضور مدير النادي عماد النويري العرض وتواجده مع الحاضرين, لما كان للادارة اي مشاركة في إحدى فعاليات النادي, وهذا الغياب التام من قبل مجلس الادارة بجميع اعضائه عن الديوانية يمثل سلبية شديدة في عمل المجلس, وسابقة لم تسجل في تاريخ جميع مجالس الادارات السابقة للنادي.

No comments: