Friday, January 25, 2008




نص محاضرة عماد النويرى في رابطة الأدباء يوم الأربعاء الموافق 16يناير2008 عن العلاقة بين الرواية والفيلم – عمارة يعقوبيان نموذجا .


ضمن الموسم الثقافي لرابطة الأدباء أقيمت مساء الأربعاء المنصرم محاضرة سينمائية عن ( الرواية والفيلم – عمارة يعقوب نموذجا ) حاضر فيها عماد النويرى وقام بتقديم المحاضر الدكتور أسامة ابوطالب رئيس قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت .
عن علاقة الفيلم بالرواية وضح المحاضر أنها : علاقة وثيقة بدأت مع السنوات الأولى من ظهور السينما عندما بدأت الأفلام تفكر وتعتمد على الكثير من الروايات العالمية التى حققت النجاح في وقت ظهورها , وعلى مر عقود انتقلت الكثير من الروايات الى السينما نذكر منها تشارلز ديكنز ( اوليفر تويست ) وديستوفسكى ( الجريمة والعقاب ) وجين اوستن ( هوى وكبرياء ) وشارلوت برونتى ( جين اير ) وهيمنجواى ( العجوز والبحر ) وجوزيف كونراد ( قلب الليل ) وباتريك زوسكند ( العطر ) وسرفانتيس ( دون يكسوت ) او دونك شووت ) ويحيى حقى ( قنديل ام هاشم ) وطة حسين ( دعاء الكروان ) واحسان عبد القدوس ( الوسادة الخالية ) ويوسف ادريس ( النداهة ) واسماعيل ولى الدين ( الاقمر ) ونجيب محفوظ ( الثلاثية ) وغسان كنفانى ( المخدوعون ) والطيب صالح ( عرس الزين ) وعلاء الأسواني ( عمارة يعقوبيان ) وغيرهم ) .
وعن وجهات النظر المختلفة الخاصة بتحويل الرواية الى فيلم قال المحاضر انه : ( على مر تاريخ السينما منذ المحاولات الأولى لنقل الرواية الى السينما على يد جورج ميليس فى العشر سنوات الأولى من القرن العشرين كانت هناك ومازال تجاذبات بين اكثر من وجهة نظر فى مايخص العلاقة بين الرواية والفيلم . وجهة النظر الأولى تؤكد على ضرورة نقل الرواية كما هى , وضرورة ان يكون الفيلم امينا على كل تفاصيل الرواية حتى لوا اعاد قراءتها من خلال الخطاب المرئى . واصحاب هذا الراى يذكرون فيلم ( هوى وكبرياء ) كمثال على الفيلم النموذجي المتحول عن رواية ناجحة وشهيرة . ووجهة النظر الثانية ترى ان الأدب له لغة مختلفة عن لغة الفيلم وان السرد الأدبي الذي يعتمد على العلامات الكلمية اوالكلامية يختلف عن السرد السينمائي الذى يعتمد على العلامات الايقونية او البصرية . ومن هنا تؤكد وجهة النظر الثانية على ضرورة ترك المبدع السينمائي لكى يبدع بطريقته الخاصة ويقدم قراءته المرئية بالطريقة التى يراها مناسبة . وترى وجهة النظر هذه ان الفيلم عبارة عن تجربة شعورية ذاتية مختلفة يعيشها المخرج مع الرواية وليس شرطا ان تكون ترجمة لتصور تجربة شخص اخر . ولعلنا نتذكر هنا فيلم ( اشرا ق ) الذى اخرجه ستانلى كوبريك وظهر عام 1980 , . كما يمكن الاشارة أيضا الى فرانسيس فورد كوبولا الذى اعاد صياغة رواية ( قلب الظلام ) لجوزيف كونراد ) وقلب احداثها لكنه في النهاية قدم فيلما من روائع السينما العالمية تحت عنوان ( الرؤية الان ) .
اما وجهة النظر الثالثة فانها تعمل من خلال منطقة رمادية لاترفض ولا توافق وتامل فى الاحتفاظ بشعرة معاوية بين الكاتب والمخرج بين الرواية والفيلم . وترى وجهة النظر هذه ان العمل الروائي رغم انه له عالمه الخاص ولغته الخاصة فانه يحقق الكثير على يد الفيلم الذى يستطيع ان يكشف بأدواته الكثير من جمال الرواية وسحرها , كما ان الفيلم بقراءاته المختلفة والمتنوعة يستطيع ان يحقق للرواية إضاءات تساعد على فهمها وتلقيها بشكل اسهل وبطريقة افضل . وكما يبدو فان وجهة النظر الثالثة تعتمد وترتكز على تلك الصيحات المعاصرة التى تنظر الى الفنون كوحدة واحدة وتدعو الى ان تتلاحم الاشكال الفنية المختلفة فى تقديم رؤية متالفة ومتمازجة باعتبار ان حال الفن من حال العصر الذى ينتجه . وطالما ان ملامح العصر تتغير فان الاشكال والاساليب الفنية ايضا يجب ان تتغير
وعن تلك الاراء التى تطالب بفصل السينما عن الادب اوضح المحاضر انه
وعلى مر تاريخ السينما كانت هناك العديد من الآراء التى طالبت ومازالت تطالب بضرورة فصل السينما تماما عن الرواية باعتبار ان السينما ليست لها صلة باى فن اخر وأنها وان لم تجد لغتها الخاصة بعد فإنها فى الطريق لتفعل ذلك , ومن الذين رفعوا لواء هذا الرأي المخرج الروسي الكبير اندرية تاركوفسكى والايطالى فيديركو فللينى والفرنسى الان رينيه والسويدى انجمار بيرجمان والاسبانى بيدرو المادوفار .
واضاف الناقد السينمائي ومدير نادى الكويت للسينما عماد النويرى انه سواء اتفقنا مع وجهة النظر الأولي او الثانية او الثالثة ام لم نتفق فانه فى نهاية الآمر ستكون أمامنا رواية سردية كلامية مترجمة الى لغة الفيلم التى تتحدث بالصور المتحركة , وفى النهاية أيضا لابد لنا ان نشعر ان روح الرواية باقية مهما كانت وجهات النظر . وهذا في حد ذاته يمثل إشكالية كبيرة لأنة فى واقع الآمر لايوجد لدينا مواصفات قياسية نستطيع بها ان نقيس ونعرف الى اى مدى ينجح المخرج في الحفاظ على روح النص الروائي . وذكر المحاضر امثلة لذلك منها : ( تلك المعركة التى قامت بين ستانلى كوبريك وستيفن كينج عندما تم إنجاز فيلم ( إشراق ) عام 1980 فقد اعترض كينج على معالجة روايته واتهم كوبريك بأنه أضاع روحها أغرقها في معالجة فكرية ذهنية وجودية رمزية لم يقصدها أبدا . وعلى العكس من ذلك نتذكر فيلم ( زوربا ) الذى اخرجه مايكل كاكويانس وفيه ضيع الى حد ما روح رواية نيكوس كازننتزيكس . ثم هناك تلك المعركة التى قامت بين دوفراك وكافكا عام 1975 عندما اخرج دوفراك رواية المسخ لكافكا و جعل هذا المسخ عبارة عن صرصور ضخم وهو مالم يقصده ابد فرانز كافكا . ولا ينكر احد ذلك الجهد الخرافى الذى بذله دوفرا ك كمخرج فى توضيح الالوان التى كان يرى بها البطل حالة العالم من حوله . وهناك اشكالية ثالثة وهى أحجام السينما وترددها في إنتاج العديد من الروايات التى تصلح رغم حداثتها للمعالجة المرئية ويمكن ان نذكر هنا بعض نتاجات وليد اخلاصى وادوارد الخراط وزكريا تامر واسماعيل فهد اسماعيل وغيرهم . فحت هذه اللحظة لاتوجد مؤسسات سينمائية مستقلة في العالم العربي تستطيع ان تجازف لتقديم تجارب روائية متفردة ومختلفة . ثم هناك اشكالية رابعة تتمثل في هامش الحرية المتاح لمعالجة روايات تعالج بشكل فعال وحضاري بعض مشكلات السياسة وبعض قضايا الفكر الديني . ثم هناك اشكالية خامسة تتمثل في لغة الرواية وقابليتها لان تتحول الى لغة الحياة اليومية . )
وفى نهاية المحاضرة تحدث النويرى عن فيلم ( عمارة يعقوبيان ) - الذى عرض منذ عامين فى يونية 2006 وتكلف حسب بعض التقديرات 22 مليون جنية , كنموذج لرواية ناجحة الى حد كبير تم تحويلها الى فيلم ناجح. واشار الى ان المعالجة المرئية اعتمدت الى حد كبير بالالتزام الكامل برواية علاء الأسواني .واضاف النويرى الى انه في الرواية يمكن الاشارةالى عالم الأسواني الثرى والى عشقة بالتفاصيل والى ولعه الشديد بسبر أغوار شخصياته المختلفة والى قدرته على توظيف المكان والى براعته في التحليل النفسي لشخصياته , والى قدرته لان يجعل هذه الرواية كوثيقة اجتماعية بل وتاريخية عن حيان الناس في مصر خلال ال30 عاما الأخيرة . وكل ذللك كان من الممكن تقصى اثاره فى الفيلم الذى اخرجه مروان حامد عن سيناريو لوحيد حامد . وكانت هناك بعض الملاحظات التى اشار اليها المحاضر وهى : .
ان نجاح الرواية والفيلم بعد ذلك يؤكد ويثبت ان الحكاية قد انتصرت فى النهاية وان المشاهد العربى مازال من اكثر المشجعين لحكاية القصة عن طريق الصور المتحركة وانه ميال اكثر للخطاب البصرى الذى يعتمد على الاشارة الايقونية البصرية فى مستواها الاول .
الملاحظة الثانية وهى ان الرواية وبعدها الفيلم استطاعا ان يكسرا بعض تابوهات السينما العربية مثل تابوة الجنس والسياسة وان كنا ننتحفظ على بعض اللقطات المثيرة المجانية التى كان يمكن اختصارها دون الاخلال بالسياق الدرامى للفيلم .

Friday, January 18, 2008



يعرض الان


هى فوضى ..... فيلم منطقى بلون الواقع



عرض وتحليل عماد النويرى

قبل الكتابة عن هذا الفيلم كان لى ان احدد من هو المخرج الحقيقى ؟ خاصة ان يوسف شاهين ( 82 عاما ) وللمرة الاولى يكتب اسم مخرج اخر معه بعد ان قدم للسينما العربية عشرات الافلام التى حقق بعضها نجاحات كثيرة على المستوى الجماهيرى والنقدى على راسها ( صلاح الدين ) و( الارض ) قبل ان تستهويه سينما المؤلف والبحث عن الذات . ومعنى ان يصر شاهين على مشاركة مخرج اخر احدى اعماله فان ذلك يعنى اعترافه بان المخرج خالد يوسف قام بجهد كبير فى تحقيق الرؤية وتنفيذ الفيلم . لكن من ناحية اخرى فان خالد يوسف كلما تعرض للسؤال عن طبيعة مشاركته وحجم انجازه فانه بتواضع شديد يؤكد ان الصانع الحقيقى هو شاهين وان الاخير قد اصر على وضع اسمه بجانب اسمه وهذا شرف كبير يحظى به التلميذ من الاستاذ .
واذا تاملنا العلاقة الوثيقة والوطيدة بين شاهين وخالد يوسف سنجد انهما يتشاركان فى العديد من الرؤى , وقبلها تشاركا فى اكثر من عمل قبل ان ينطلق خالد يوسف ويقدم ( العاصفة ) ذلك الفيلم الذى وضعه فى دائرة الاهتمام . ويمكن القول ان افكار خالد يوسف وثقافته ووجهة نظره عن الحياة كانت قريبة – ومازالت - الى حد كبير من ثقافة وافكار شاهين عن دور الفن واهداف السينما , وفى الوقت ذاته كانت مدرسة شاهين هى البنية الاساسية و المناسبة التى ساعدت على صياغة وتطوير ادوات خالد الاخراجية . من هنا فان السؤال عن مخرج ( هى فوضى ) الحقيقيى هو نوع من ( تحصيل الحاصل ) لاننا فى النهاية نتعامل مع مدرسة اخراجية عتيقة لها اصولها وطقوسها وملامحها , وكل ذلك تاسس على مر نصف قرن اويزيد .
فى ( هى فوضى ) نحن بصدد حركة متدفقة من الصور التى تدور داخلها العديد من الاحداث . ويجسد الاحداث مجموعة متناقضة ومتشابهة من الشخوص ويحرك الشخوص مجموعة متناقضة ومتضاربة من الدوافع الداخلية والخارجية . وفى طريق ليس مفروشا بالورد يتم عرض نماذج من البشر تجسد الى حد كبير هؤلاء الذين يعيشون فى قلب الشارع المزدحم الذى يعج بالحب والكراهية , وعلى ضفافه يعيس المهمشون فى بؤس واحتياج , وفى قلب الشارع يتم تجاوز كل القوانين , بعد ان اصبحت تلك القوانين فى يد قلة فاسدة مستعدة دائما لبيع ضمائرها بابخس الاسعار .

حاتم هو الشخصية المركزية والمحورية فى قصة وسيناريو ناصر عبد الرحمن ويبدو من ملامحه انه تجاوز الاربعين لكن مازال قلبه ينبض بشدة لابنة الجيران التى تعمل مدرسة وقلبها مشغول بابن مديرة المدرسة الذى يعمل وكيلاا للنيابة . منذ المشهد الاول اذن قد تم تقديمنا كمشاهدين الى نوع الصراع الدرامى المنتظر الذى يتمحور حول مثلث العشق الشهير حيث يتصارع رجلان حول امراة والعكس يحدث احيانا . والقراءة الاولى للشخصية ستقودنا ايضا الى التعرف الى اوجة الاختلاف واوجة التشابة التى ستصنع المفارقة الدرامية فى مابعد , فحاتم ونور يتشابها ن فى خضوعهما لطبقة واحدة ومكان واحد لكنهما يختلفان تماما عن بعضهما البعض من حيث درجة النقاء والطهارة .
امين الشرطة حاتم فى القراءة الاولى للفيلم هو مجرد مواطن بسيط تيتم منذ الصغر وعانى من الوحدة والجوع والفقر وتربى ونشأ فى بيئة لم يشعرا ابدا من خلالها وفى محيطها بالامان والطمانينة . فى سلك الشرطة هناك الفرصة الذهبية لحاتم لكى يحل عقده الكثيرة التى تشكل نفسيته المريضة فهو سادى يقوم بتعذيب الطلبة المقبوض عليهم بشكل غير قانونى انتقاما من حرمانه من التعليم , وهو يضرب بعرض الحائط كل القوانين من اجل المال لعله يعوض به مافاته من حرمان , وهو يتعثر كطفل صغير ويجعلنا نتعاطف معه عندما يعشق المدرسة الصغيرة نور لعلها تعوضه بعض الحنان الذى افتقدة باليتم . وعندما ترفضه نور يتحول الى وحش غاضب ومعذب ويحاول الانتقام لفشله فى تحقيق الامل الوحيد الذى ملك عليه حياته عسى ان يعيد اليه توازنه .
فى قراءة ثانية وعلى المستوى الثانى فان حاتم هو رمز للكثير من الاشخاص الموجودين الان فى المجتمع المصرى وفى اغلب المجتمعات العربية هؤلاء الاشخاص الذين استطاعوا ان يخترقوا منظومة القانون الغائب بفعل غياب المرجعيات السياسية والثقافية والدينية وانشغالها بامور تحقق وجودها واطماعها .
وفى غفلة هذا القانون استطاع حاتم ومن يجسدهم اللعب بالقانون من اجل تحقيق مصالحهم الخاصة . فى الفيلم وفى الواقع , وفى عز النهار لايتوانى حاتم عن تقاضى ثمن فسادة علنا من خلال مبالغ من المال يفرضها على من يرغب فى تخليص مصالحه . وفى عز النهار لايتوانى من هو اكبر منه فى سلك الشرطة فى الشهادة معة لتبرئته من تهمة اغتصاب نور . انها منظومة فاسدة مترابطة تحافظ على وجودها ومصالحها .

الفيلم السيناريو اجاد فى رسم شخصية نور الداخلية والخارجية واجاد ايضا فى صنع تاريخ لها مناسب كواحدة من بنات الجيل الحالى تخرجت من الجامعة كدارسة للغة الانجليزية ولاتعرف كتابتها او نطقها بشكل صحيح . وهى صريحة وقوية ونقية لذلك فان ارتباطها بمديرة المدرسة يمكن تبريرة بسهولة , ويمكن ايضا تبرير رغبة هذة المديرة لتزويج البنت لابنها وكيل النيابة . وشخصية الام جاءت لتجسد صورة من بقايا الطبقة الوسطى التى انحسرت بفعل متغيرات المجتمع . وفى ظل الفساد الذى استشرى وفى ظل انحسار بل واختفاء الطبقة الوسطى التدريجى تصبح مديرة المدرسة وكانها كان على شك الانقراض ان لم ينقرض فعلا فهى امينة على ذكرى زوجها وترفض زواج ابنها من ابنة احد الاثرياء لان ذلك لايتناسب مع القيم التى تربت عليها . وفى تصويره للشخصيات الثانوية لعلنا نتذكر شخصية ام نور التى يمكن اعتبارها معادل موضوعى لشخصية بهية التى تكررت اكثر من مرة فى افلام يوسف شاهين ونذكر هنا تواجدها الطاغى فى فيلم ( العصفور ) . اما شخصية ابن مديرة المدرسة فقد جاءت لتجسد الجانب الاخر من الصراع , وهى شخصية متوازنة قادرة على اتخاذ القرار فعندما شعر وكيل النيابة ان حياته غير متكافئة مع خطيبته لم يتردد فى انهاء العلاقة وعندما ارتبط بنور كان قادرا كرجل شجاع الوقوف بجانيها وحمايتها بقدر المستطاع رغم وقوعها كضحية بائسة فى يد الشقى المعذب حاتم . وناتى الى حاتم الذى الذى اجاد السيناريو تصويره ليجعل منه ظالما ومظلوما وجلادا وضحية فى الوقت ذاته . ورغم كرهنا الشديد لما يفعل حاتم فانك لاتملك الا ان تتعاطف معه وترثى لموته كبطل تراجيدى وهذة هى المصيبة الكبرى !! رغم مشهد ثوة الشارع فى نهاية الفيلم ورغم صحوة الناس وهجومها على مركز الشرطة كنوع من التعبير عن الغضب فان الموت الماساوى لحاتم بانتحاره لم يدع الفرصة الكافية للمشاهد لكى يدين سلوكيات حاتم وجرائمه وكان كاتب السيناريو وربما يوسف شاهين وربما خالد صالح رفضوا معا اختزال الادانة فى شخص فرد حتى يتم توجية الادانة الى المنبع والى من هم وراء حاتم .
فى الفيلم ( الفن ) طبعا يمكن التوقف عند العديد من محطات التميز ولعل اول هذة المحطات واهمها هو اختيار الممثلين وادارتهم فقد اجاد خالد صالح الذى يتاهل ليصبح واحدا من اهم نجوم العام فى تجسيد شخصية حاتم لدرجة كبيرة وكان هو الانسب للدور , واستطاع توظيف ادواته الدخلية والخارجية ونجح فى ااضاءة مناطق الضعف ومناطق القوة فى الشخصية لدرجة مذهلة . ومع تقلبات الشخصية وتحولاتها تنقل خال صالح ببراعة الفاهم والواثق والدارس لكل هذة التحولات . وفى تجسيدها لشخصية نور تالقت منة شلبى واجادت ومن المؤكد ان هذ ا الفيلم يضعها فى مصاف النجمات الكبار للفترة المقبلة . و يعيد الثنائى يوسف شاهين وخالد يوسف اكتشاف هالة صدقى كممثلة موهوبة ذاكرة انفعالية عامرة بالمشاعر والاحاسيس ولاننسى هالة فاخر فى دور ام نور . وهناك اشارة ايضا الى الممثل الذى قام بتجسيد شخصية وكيل النيابة . ومع تالق الشخصيات فى ادوارها هناك اشارة ايضا الى الممثلين فى الادوار الثانوية والى الكومبارس الذى ساعد على اضفاء لون الواقع والحقيقة على مايحدث امامنا على الشاشة , والفضل هنا يعود ايضا الى مخرجى الفيلم والى احدى سمات مدرسة شاهين فى تشكيل اللقطة العامرة دائما بالحركة الموظفة . ويمكن ايضا الاشارة الى مهندس الديكور الذى اضفى بذوقه الكثير على الامكنة وماتمثله بالنسبة للشخصيات .
قد يعجب بعض المشاهدين بفيلم ( هى فوضى ) باعتباره واحدا من اكثر افلام يوسف شاهين تماسكا , ومن الممكن ان يعجب البعض الاخر هذا الفيلم نيتجة ارتباطه المباشر بواقع الحياة الان وبحالة الحراك الاجتماعى والسياسى التى يمر بها المجتمع المصرى . ومن المهم عند تفسير النجاح الكبير الذى يحققه الفيلم على مستوى شباك التذاكر ان نتذكر ان هناك بعض الاعمال الفنية وفى لحظة تاريخية معينة تاتى وكانها تعبر بصدق وبمنطق عن واقع الحال .

Tuesday, January 01, 2008

من فيلم اسود ضد حملان




فلاش باك



بعض الظواهر يمكن رصدها والعديد من المحطات كان يمكن التوقف عندها عندما فكرت ان امر بحصاد سينما 2007 .
وبطريقة الفلاش باك التى تستخدم في الأفلام التجريبية والتى لاتحكم مشاهدها سرد إحصائي متماسك لذكر الأعداد والتواريخ والمناسبات ( فعلها غيرنا ) يمكن وبسرعة المرور على بعض المشاهد وبعض الصور دون ترتيب ودون ( تعميق ) .
في الحصاد المحلى يمكن الاشارة الى حالة حراك سينمائي في الواقع السينمائي الكويتي وقد تمثل هذا الحراك في مشاركة مخرجين من الكويت في مهرجانات سينمائية عربية وعالمية مثل حبيب حسين وعامر الزهير وعبدالللة بوشهرى وعبد العزيز الشرهان إضافة الى حصول حبيب حسين وعبداللة بوشهرى على جوائز من مهرجانات عربية وعالمية . وقد تمثل هذا الحراك أيضا فى ظهور جيل سينمائي جديد شارك بالعديد من الأفلام فى التظاهرات السينمائية التى اقامها نادى الكويت وشركة سينى ماجيك .
ويمكن الاشارة الى نقلة نوعية فى نشاطات شركة السينما الكويتية بدخولها عصر السينما الرقمية اضافة الى دعمها الحقيقي ومشاركتها الفاعلة في كل الجهود السينمائية المبذولة في الكويت من اجل واقع سينمائي افضل , ولايفوتنى بهذه المناسبة ان اشير الى الجهود المخلصة لهشام الغانم الذى تشهد شركة السينما الكويتية على يديه الكثير من الخطوات لتكون ( سينسكيب ) واحدة من الشركات الرائدة فى منطقة الشرق الاوسط .
واذا كانت شهادتي مجروحة فى مايفعله نادى الكويت للسينما فان الخطوة المهمة التى اقدم عليها مجلس ادارة النادى الجديد هى اقامة اول تظاهرة حقيقية لهواة السينما ونتمنى ان تتاكد هذه الخطوة من خلال إقامة الدورة الثانية بل ونتمنى ان تكون هذة التظاهرة خطوة لاقامة مهرجان للفيلم القصير او مهرجان للفيلم التسجيلى وغير خاف على احد ان الكويت اصبح فيها اربع مهرجانات للمسرح ولا يوجد بها مهرجان سينمائى واحد . وهنا لاننسى ان نشير ايضا الى جهود المجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب ومحاولاته المستمرة في دعم الأنشطة السينمائية في الكويت .
وخلال عام 2007 يمكن الاشارة الى تنامى وتوالد المهرجانات السينمائية العربية فقد ظهر فى الجزائر مهرجان وهران و فى ابوظبى مهرجان الشرق الاوسط , واعلن فى دبى عن مهرجان الخليج , وفى القريب العاجل من المتوقع ان يعلن عن مهرجان سينمائى دولى فى اليمن ومهرجان اخر فى قطر ومهرجان سادس اوسابع فى راس الخيمة . وارى ان هذة المهرجانات ورغم اهتمام بعضها بالشكليات والسجاجيد الحمراء انها ستساهم مساهمة حقيقية فى توسيع دائرة الاهتمام بفن السينما عند المشاهد وعند الحكومات . ومن خلال هذه المهرجانات وقدرتها على تجميع السينمائيين من جميع أنحاء العالم فان هناك حالة من الحوار الحضاري الذى يتعدى الكثير من الحواجز لابد وان تنشاء بين المهتمين بتحسين صورة هذا الكون . ومن المهم ان تنتبة هذه المهرجانات الى ضرورة تقديم دعم حقيقيي لسينما الشباب وللسينما المهاجرة خارج الحدود والتى تستجدى الدعم من المؤسسات الخارجية لكى تواصل طريقها .
حصاد المشاهدة السينمائية خلال عام 2007 كان كبيرا وكان اخر هذا الحصاد مشاهد عدد لاباس به من الأفلام التى تصور حرب العراق واثارها وكان منها ( التملص ) و( بيت الشجاعة ) و( صور مطموسة ) و( اسود مقابل حملان ) كما يمكن الاشارة الى العديد من الأفلام المهمة التى شاهدتها في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي مثل ( سكر بنات ) اللبناني و( تقاطع طرق ) الفرنسي و( التعويض ) البريطاني . وكانت اخر المشاهدات القيمة ( صندوق عجب ) لرضا الباهى و( صحراء الامازيغ ) لعبداللة المخيال .
فى مجال الاحداث السينمائية العالمية المهمة خلال عام 2007 والتى يجب النظر اليها بعين الاعتبار هو وصول التقنية السينمائية العالمية فى مجال المؤثرات الخاصة الى درجة عالية من الابها ر , ومن المتوقع قريبا ان تتغير كل وسائل الانتاج والعرض والتوزيع التى عرفتها السينما على مدى سنوات وهنا يجب الاشارة الى تقنية الرسوم المتحركة التى تم استخدامها فى فيلم ( بيوولف ) لروبرت زيميكس والتى اعتمدت على توليد ممثلين معروفين والتحكم فى حركتهم خلال الاستديو الافتراضى .طبعا تقنية الرسوم ذات الأبعاد الثلاثية على الكمبيوتر ليست بجديدة لكنها من المؤكد انها بعد هذا الفيلم ستخطو خطوات مرعبة ومهيبة لتقديم السينما التفاعلية التخيلية التى سيمكن من خلالها الاستغناء تماما عن الممثل الذى سيتحول الى برنامج كمبيوتر .
خلال عام 2007 ازعم ان الحصاد كان وافرا ومع بداية عام 2008 نتمنى لكم مشاهدة طيبة وواقع سينمائي افضل .

عماد النويرى